كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 1)

وَلَعَلَّ أحَادِيثَ شَقِّ الصَّدْرِ تُشِيرُ إِلَى هَذِهِ الحَصَانَاتِ التِي أَضْفَاهَا اللَّهُ عَلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَعَلَتْهُ مِنْ طُفُولَتِهِ بِنَجْوَةٍ قَصِيَّةٍ عَنْ مَزَالِقِ الطَّبْعِ الإِنْسَانِيِّ، ومَفَاتِنِ الحَيَاةِ الأَرْضِيَّةِ (¬1).

* خَاتَمُ النُّبُوَّةِ:
وهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قِطْعَةِ لَحْمٍ نَاتِئَةٍ، عَلَيْهَا شَعْرٌ عِنْدَ كَتِفِهِ الأَيْسَرِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَجْمُهَا قَدْرُ بَيْضَةِ الحَمَامَةِ (¬2).
وهَذَا الخَاتَمُ الذِي يُعْرَفُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، هُوَ عَلَامَةٌ مِنْ عَلَامَاتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّبَوِيَّةِ في الكُتُبِ السَّابِقَةِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِصَّةُ بَحِيرَا الرَّاهِبِ، وَقِصَّةُ إِسْلَامِ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ -رضي اللَّه عنه-، كَمَا سَيَأْتِي.
وهَذَا الخَاتَمُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ وُلِدَ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِنَّمَا تَكَوَّنَ بَعْدَ الوِلَادَةِ، وأنَّهُ عَلَى الأَصَحِّ كَانَ بَعْدَ حَادِثَةِ شَقِّ الصَّدْرِ، وهُوَ صَغِيرٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬3).
قَالَ العُلَمَاءُ: والسِّرُّ في وَضْعِ الخَاتَمِ عِنْدَ كَتِفِهِ الأَيْسَرِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّ القَلْبَ فِي تِلْكَ الجِهَةِ؛ ولِأَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعْصُومٌ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وذَلِكَ المَوْضِعُ يَدْخُلُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ (¬4).
¬__________
(¬1) انظر فقه السيرة ص 63 للشيخ محمد الغزالي رَحِمَهُ اللَّهُ.
(¬2) انظر فتح الباري (7/ 254).
(¬3) انظر فتح الباري (7/ 255).
(¬4) انظر فتح الباري (7/ 256) - الرَّوْض الأُنُف (1/ 294) - صحيح مسلم بشرح النووي (8/ 80).

الصفحة 99