كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

5 - حدثنا سُليمان بن الأشعث (¬1)، والمثنى بن بَحير (¬2)، قالا: حدثنا مُسَدَّد، حدثنا يحيى (¬3)، عن عُثمان بن غِياثٍ (¬4)، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيدَةَ، عن يحيى بن يَعْمَر، وَحُمَيد بن عبد الرحمن قالا: لَقِيْنَا عبد الله بن عمر، فذكرنا له القَدَرَ وَما يَقولون فيه ... فَذَكر الحديثَ، نحو حديث كهمس قال: وسألَهُ رَجل من مُزَينَة -أو جُهَينَة- فقال: يا رسولَ الله فيما (¬5)
-[33]- يُعْمَل؟ أفي شيءٍ قد خلا -أو مَضى- أو شيء يُستَأْنَف الآنَ؟ قال: "في شيءٍ قد خَلا وَمَضى"، فقالَ الرجُل -أو بَعْض القَوْمَ-: فَفِيْمَ العَمَلُ؟ قالَ: "إنَّ أهلَ الجَنة يُيَسَّرُونَ لعَمَلِ أهلِ الجنَّة، وإنَّ أهلَ النَّار يُيَسرُونَ لعَمَلِ أهل النَّار" (¬6).
¬_________
(¬1) أبو داود السِّجِسْتانِي، صاحب السُّنن. والحديث في سننه -كتاب السنة -باب في القدر (4/ 224 - ح 4696).
(¬2) لم أظفر بترجمته في المصادر المتيسِّرة لي.
(¬3) في (ط): "يحيى القطان"، وهو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي البصري.
(¬4) عثمان بن غياث الراسبيِ، أو: الزهرانِي البصري. التقريب (4508).
(¬5) كذا في النسخ الثلاث، وعند الإمام أحمد، وأبي داود كذلك، وهو خلاف المعروف من قواعد النحو، قال ابن هشام: "يجب حذف ألف (ما) الاستفهامية إذا جُرَّت، وإبقاء الفتحة دليلًا عليها" واستدل بقوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات- الآية 43] وغيرها من الشواهد. وقال أيضًا: "وعلة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر"، ونقل عن الزمخشري أن إثبات الألف في الاستفهامية قليل وشاذ.
وأما رضي الدين الأستراباذي شارح الكافية فلم يقل بالوجوب وإنما عبَّر بقوله: "وقد تحذف ألف ما الاستفهامية في الأغلب عند انجرارها بحرف جرٍّ".
فالظاهر أنَّ هذه الألف متولدة من إشباع الفتح في الميم، وإبقاء الألف جائز ولكنه نادرٌ وقليل، وعليه قرأ أبي بن كعب وابنُ مسعود وعكرمةُ وعيسى قولَه تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] بإثبات الألف.
قال ابن جِنِّي عن هذه القراءة: "هذا أضعف اللغتين؛ أعنِي إثبات الألف في (ما) =
-[33]- = الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر، وروينا عن قطرب لحسَّان:
على ما قام يشتمنِي لئيمٌ ... كخنزيرٍ تمرَّغ في رماد".
وقد جاءت العبارة على الجادة في آخر الحديث.
انظر: المحتسب لابن جنِي (2/ 347)، المحرر الوجيز لابن عطية (16/ 206)، شرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين محمَّد بن الحسن الأستراباذي (2/ 54)، مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري (ص / 393).
(¬6) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الإيمان والإِسلام والإحسان, ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى ... (1/ 38 ح 3) من طريق يحيى بن سعيد القطان.
وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (1/ 27) عن يحيى القطان وساق متنه كاملًا.
فائدة الاستخراج:
لم يسق الإِمام مسلم متن الحديث وإنما قال: فاقتص الحديث بنحو حديثهم، عن عمر -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفيه شيءٌ من زيادة، وقد نقص منه شيئًا، وذكر المصنِّف هذه الزيادة التي أشار إليها مسلم.

الصفحة 32