كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)
بَيَانُ صفَةِ الإسْلام وَشَرَائِعِهِ، وَعدَدِ الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضةِ (¬1)
¬_________
(¬1) في (ط): "بيان صفة الصلاة وفرائضه، وعدد الصلوات المفروضة" وهو خطأ.
12 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن أَحمد (¬1)، عن ابن وَهْب (¬2) ح
وَحدثنَا أبو الأزهر (¬3)، حدثنا إسحاق بن عيسى (¬4)، كلاهما عن مالك بن أنس (¬5) ح
وحدَّثَنا سُليمانُ بن الأشعث (¬6)، حدثنا سليمانُ بن داوُدَ (¬7)، حدثنا إسماعيلُ بن جَعْفَرٍ (¬8)، كلاهما عن أبي سُهَيْلٍ (¬9)، عَن أبيهِ، قال: سمعْتُ طلحةَ بن عبيد الله يَقول: جَاء رجلٌ من أهل نجد (¬10)، ثائرُ الرأس، يُسمَع
-[46]- دويُّ صوْتهِ (¬11)، ولا يُفْقَه ما يقول، حَتى دَنا، فإذا هُوَ يسْأل عن الإِسلام (¬12)، فقال: "خَمْسُ صلوَاتٍ فيِ يَوْمَ وَلَيْلَةٍ"، قال: هَل عَلَيَّ غيرُها؟ قال: "لا، إِلاَّ أن تَطَوَّع" (¬13)، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "وَصيامُ شهر رمضانَ"، قال: هَل عَلَي غيرُه؟ قالَ: "لا، إلَّا أَنْ تَطَوع".
قال: وَذكر له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة، قال: عَلَي غَيرُها؟ قال: "لا، إلَّا أن تَطوَّع"، قال: فأدبر الرَّجُل وَقال: واللهِ لا أزيدُ على هَذا ولا أنقُص منه، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلحَ إن صدقَ" (¬14).
-[47]- وهذا لفظ حَديث مالك، وقال إسماعيلُ بن جَعفَر في حَديثه (¬15): جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أخبرني ماذا فَرَض الله عَلَيَّ من الصلاة؟، قال: "الصَّلوات الخمس إلَّا أن تَطوَّع شَيئًا"، قال: فأخبرني ماذَا فرض الله علي من الزكَاة؟، قال: فأخبره رَسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بشرائع الإِسلام، قال: وَالذي هُوَ أكرمَكَ، لا أتَطَوَّع شيئًا ولا أنقُص مما فرض الله عَلَيَّ شَيئًا، قال: "أَفلح وَأبيهِ إن صدَقَ، أو دخل الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدق" (¬16).
¬_________
(¬1) ابن وردان العسقلانِي، أبو يحيى البلخي، ووقع في (ط) بزيادة نسبته: "العسقلانِي".
(¬2) عبد الله بن وهب المصري.
(¬3) أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي النيسابوري.
(¬4) ابن نجيح البغدادي -أبو يعقوب ابن الطباع.
(¬5) إمام دار الهجرة، وقد أخرج الحديث في الموطأ -كتاب قصر الصلاة في السفر -باب جامع الترغيب في الصلاة (1/ 175 ح 94).
(¬6) أبو داود السجستانِي، والحديث في سننه كتاب الصلاة -باب -باب الصلاة من الإِسلام، (1/ 106 ح 392).
(¬7) العتكي - أبو الربيع الزهرانِي.
(¬8) ابن أبي كثير الأنصاري الزرقي- أبو إسحاق القاريء.
(¬9) نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدنِي.
(¬10) ذكر الحافظ ابن حجر أنَّ ابن بطَّال وآخرين جزموا بأنَّ هذا الرجل هو: ضمام بن =
-[46]- = ثعلبة وافد بني سعد بن بكر، وردَّ ذلك القرطبي، ولم يرجِّح الحافظ أحد القولين. الفتح (1/ 131).
(¬11) الدَّويُّ: صوت مرتفعٌ متكرر ولا يفهم. نقله الحافظ عن الخطابي (فتح الباري 1/ 131).
(¬12) في الأصل و (م): "فإذا هو يسأل عن الإِسلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ولكن على الأصل علامة حذف (لا - إلى) على عبارة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أثبتها، وفي الصحيحين كذلك، أي: بدون العبارة المحذوفة من الأصل، وفي (ط): "رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإِسلام".
(¬13) روي على وجهين: بتشديد الطاء وتخفيفها، والظاهر أن رواية المصنِّف بالتخفيف؛ لوجود الشدة على الواو فقط في جميع المواضع عنده.
(¬14) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان -باب الزكاة من الإيمان (الفتح 1/ 131 ح 46).
ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الصلوات التي هي أحد أكان الإِسلام (1/ 40 ح 8) كلاهما من طريق مالك، به.
(¬15) أخرجه البخاري في كتاب الصوم -باب وجوب صوم رمضان (الفتح 4/ 123 ح 1891) وفي كتاب الحيل -باب في الزكاة (الفتح 12/ 346 ح 6956)، ومسلم في كتاب الإيمان -باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإِسلام (1/ 40 ح 9) كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، به، وليست عند البخاري: "أفلح وأبيه" بل فيه: "أفلح إن صدق" وكذلك أخرجه النسائي في السنن -كتاب الصيام -باب وجوب الصيام (4/ 120) من طريق إسماعيل بن جعفر، وليست عنده هذه اللفظة، بخلاف ما عند مسلم وأبي داود -كما سبق- من طريق أبي الربيع الزهرانِي، فعندهما هذه اللفظة.
فائدة الاستخراج:
لم يسق الإِمام مسلم جميع لفظ إسماعيل بن جعفر وإنما اقتصر على لفظٍ واحد منه، وسياق المصنِّف له كاملًا من فوائد الاستخراج.
(¬16) قال ابن عبد البر: "أفلح وأبيه إن صدق" هذه اللفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث مَن يُحتجُّ به، وقد روى هذا الحديث مالكٌ وغيره عن أبي سهيل، لم يقولوا ذلك فيه، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه: "أفلح والله إن صدق" =
-[48]- = أو "دخل الجنة والله إن صدق"، وهذا أولى من رواية من روى "وأبيه" لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح". التمهيد (14/ 366).
ومحصَّل كلام ابن عبد البر ترجيح رواية مالك على رواية إسماعيل، وهذا إن كانت اللفظة المنكرة التي يُشير إليها ابن عبد البر من قِبَل إسماعيل، ولقد ذكر ابن عبد البر الاختلافَ على إسماعيل فيها، ورواية البخاري والنسائي للحديث من طريق إسماعيل بدون هذه اللفظة تشعر بأن إسماعيل ضبطها بدونها، ومن وجوه الترجيح عند أهل العلم تقديم ما أخرجه البخاري عند التعارض على ما أخرجه مسلم، كيف وقد انضمَ إليه النسائي، مع أنه -أي: النسائي- لم ينبِّه إلى خلافٍ في ذلك، ومن عادته أحيانًا العناية بالاختلاف، حيث أنه يترجم لذلك أبو أبا فيقول مثلًا عند اختلاف الروايات: باب الاختلاف على فلان، وذكر الاختلاف على فلان، ونحو ذلك، انظر مثلًا: السنن (1/ 217) و (2/ 84)، و (2/ 119)، وعلى فرض ثبوتها يقال: إنها كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة حقيقة الحلف، والنهي وارد فيمن قصد حقيقة الحلف لما فيه من إعظام المحلوف به. قاله النووي وعقَّب: وهذا هو المرضي. (شرح صحيح مسلم 1/ 168).
أو يقال: إن هذا كان قبل الأمر بالنهي عن الحلف بغير الله، ثم نسخ ونهي عن الحلف بغير الله ومال إلى هذا القول صاحب تيسير العزيز الحميد (ص 592).
وفي توجيه هذه اللفظة أقوال أُخَر.