وقال: «قد ذكر مسلمة هذا الرجل في المحمدين، وذكر أنه قرأ عليه وامتحنه، وله معه قصة استوفى فيها ورقة ... ». اهـ.
وهذه القصة نقلها عنه ابن القطان، فقال: «وأما قصة العقيلي؛ فقال مسلمة بن القاسم -عند ذكره أبا جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد بن مدرك العقيلي: «كان مكيًّا، ثقة، جليل القدر، عظيم الخطر، عالما بالحديث، ما رأيت أحدًا من أهل زماننا أعرف بالحديث منه، ولا أكثر جمعًا، وكان كثير التأليف، عارفًا بالتصنيف، وكان كل من أتاه من أصحاب الحديث ليقرأ عليه قال له: «اقرأ كتابك»، فكان يقرأ عليه، ولا يخرج أصله، فأنكرنا ذلك عليه، وتكلمنا في أمره، فقلنا: «إما أن يكون من أحفظ الناس، أو أكذب الناس»، واجتمعتُ مع نفر من أصحاب الحديث، فاتفقنا على أن نكتب له أحاديث من أحاديثه، ونزيد فيها وننقص، ونقرؤها عليه، فإن هو علم بها، وأصلح من حفظه، عرفنا أنه من أوثق الناس وأحفظهم، وإن لم يفطن للزيادة والنقصان، علمنا أنه من أكذب الناس، فاتفقنا على ذلك، فأخذنا أحاديث من روايته، فبدّلنا منها ألفاظًا، وزدنا فيها ألفاظًا، وتركنا منها أحاديث صحيحة، ثم أتينا بها مع أصحاب لنا من أهل الحديث، فقلنا له: «أصلحك الله، هذه أحاديث من روايتك، أردنا سماعها، وقراءتها عليك»، فقال لي: «اقرأ»، فقرأتها عليه، فلما أتت الزيادة والنقصان، فطن لذلك، فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه، وألحق النقصان، وضرب على الزيادة، وصححها كما كانت، ثم قرأها علينا، فانصرفنا من عنده، وقد طابت أنفسنا، وعلمنا أنه من أحفظ الناس»» (1). اهـ.
وزاد المقريزي (2): «فكنا إذا أتيناه لنقرأ عليه لا نسأله عن أصله، فكان مرة يخرج لنا الأصل فيقرأ لنا منه، ومرة يقول: «اقرءوا من كتبكم»، فنقرأ، فيرد علينا».
وقرنه ابن الجوزي بكبار أئمة هذا الفن، فقال في بداية كتاب «الضعفاء» له: «وهذا كتاب أسماء الضعفاء والواضعين وذكر من جرحهم من الأئمة الكبار، مثل: أحمد بن
__________
(1) «بيان الوهم والإيهام» (4/ 64) نقلا عن كتاب «الصلة».
(2) «المقفى» (6/ 454).