كتاب ضعفاء العقيلي (التأصيل) (اسم الجزء: 1)

تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد؛
فإن الله عز وجل تكفّل بحفظ كتابه الكريم فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وأوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بسنة ماضية وهدى يقتدى به، وأمر المسلمين بالتمسك بسنته واتباع هديه فقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وبيّن الله عز وجل أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوي فقال جل شأنه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى 3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
ومن القواعد الشرعية التي استقر عليها عمل المسلمين قاعدة: «ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب»؛ وبناء عليها فإن الدراسة التفصيلية لأحوال الرواة وسَبْر مروياتهم واجب شرعي كفائي على الأمة؛ لأنها المدخل الصحيح لمعرفة الثقات من الضعفاء، والكشف عن علل الأحاديث، ومعرفة الصحيح من السقيم، والمحفوظ من المعلول؛ ومن هنا تأتي أهمية مقولة إمام العلل علي بن المديني ححح: «التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم» (1). اهـ.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: «فلمّا لم نجد سبيلًا إلى معرفة شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية وجب أن نميّز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة» (2). اهـ.
__________
(1) «الجامع لأخلاق الراوي» (2/ 211).
(2) «مقدمة الجرح والتعديل» (1/ 5).

الصفحة 5