وإن شئت صبرت فهو خير لك قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي لي اللهم فشفعه فيّ" فعاد وقد أبصر" (¬١).
واستدلالهم هذا باطل إذ القصة يفهم منها أن الأعمى إنما جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليدعو له وذلك في قوله: "ادع الله أن يعافيني" ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "وإن شئت صبرت فهو خير لك" فقال الأعمى: "فادع" وهذا يقتضي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعا له. وجاءت رواية أخرى فيها أنه طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو له (¬٢) فدل على أنه توجه بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي الدعاء الذي علمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياه قال: "اللهم فشفعه فيّ" أي: اللهم اقبل شفاعته -صلى الله عليه وسلم- فيّ أي اقبل دعاءه في أن ترد عليّ بصري وهذا لا يمكن حمله على التوسل البدعي كالتوسل بالجاه ونحوه.
وجاء في الحديث "وشفعني فيه" وصححها الألباني رحمه الله وقال: "وهذه الجملة وحدها حجة قاطعة على أن حمل الحديث على التوسل بالذات باطل" (¬٣).
وجملة "وشفعني فيه" معناها: اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته -صلى الله عليه وسلم- أي دعاءه في أن ترد عليَّ بصري هذا الذي لا يمكن أن يُفهم من هذه الجملة سواه (¬٤).
---------------
(¬١) سنن الترمذي: "٣٥٧٨"، كتاب الدعوات، والحديث قال عنه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وابن ماجه (١٣٨٥). والمستدرك للحاكم: ١/ ٣١٣ كتاب صلاة التطوع، دعاء رد البصر، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين، وضعفه بعض العلماء كالشيخ سليمان بن عبد الله في التيسير ص ٢٤٤ والسهسواني في صيانة الإنسان ص ١٢٥، ٢٠٤، وقد صححه الألباني في صحيحي سنن الترمذي وابن ماجه.
(¬٢) انظر تيسير العزيز الحميد ص ٢٤٥ ط المكتب الإسلامي.
(¬٣) انظر: التوسل للألباني ص ٧٤
(¬٤) انظر: التوسل للألباني ص ٧٤.