ليدله على الطريق يوم الهجرة (¬١)، وكان إذا سافر في جهاد أو حج أو عمرة حمل الزاد والمزاد وجميع أصحابه (¬٢).
ويُذكر أنه قدم ناس من أهل اليمن إلى الحج بلا زاد فجيء بهم إلى عمر -رضي الله عنه- فسألهم فقالوا: نحن المتوكلون على الله. فقال: لستم المتوكلين بل أنتم المتواكلون.
وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، أفتح مصحفي فأقرأُه حتى أمسي؟ قال الحسن: "اقرأه بالغداة واقرأه بالعشي، وكن سائر نهارك في صنعتك وما يصلحكم" (¬٣).
وسأل الإمام أحمدَ رجلٌ فقال: أيخرج إلى مكة متوكلًا لا يحمل معه شيئًا؟ قال: "لا يعجبني، فمن أين يأكل قال: يتوكل فيعطيه الناس. قال: وإذا لم يعطوه. أليس يستشرف لهم حتى يعطوه؟ لا يعجبني هذا. لم يبلغني أن أحدا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتابعين فعل هذا، ولكن يعمل ويطلب ويتحرى" (¬٤).
وكان الإمام أحمد يأمر بالسوق، ويقول: "ما أحسن الاستغناء عن الناس" (¬٥).
وسئل عن قوم لا يعملون ويقولون نحن متوكلون فقال: "هؤلاء مبتدعة" (¬٦).
قال عبد اللهَ التستري: "من قال: إن التوكل يكون بترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لأن الله عز وجل يقول: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٩] فالغنيمة اكتساب" (¬٧).
---------------
(¬١) راجع حديث عائشة في البخاري (٢٢٦٣).
(¬٢) انظر بعض أخبارهم في الاكتساب واتخاذ الأسباب، تلبس إبليس، ص ٢٨٢، مدارج السالكين ٢/ ١٣٤، ١٣٥. ط. دار الفكر.
(¬٣) البيهقي في شعب الإيمان، ح (١٢٥٩) ٢/ ٩٤.
(¬٤) المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد ٢/ ٢٣٦.
(¬٥) المصدر السابق ٢/ ٢٣٤.
(¬٦) المصدر السابق ٢/ ٢٣٨.
(¬٧) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ٢/ ١٠٣.