كتاب نوادر المخطوطات (اسم الجزء: 1)

الأصناف والأجناس على حسب اختلافاتهم، وقالوا: إن السبب في اختلافهم، والموجب لاختلاطهم، اختلاط المالكين لها، والمتغلبين عليها، من العمالقة واليونانيين والروم والعرب وغيرهم، فلهذا اختلطت أنسابهم فاقتصروا من التعريف بأنفسهم على الانتساب إلى مواضعهم، والانتماء إلى مساقطهم ومواقعهم.
وحكى جماعة من المؤرخين أنهم كانوا في الزمن السالف عباد أصنام، ومدبري هياكل، إلى أن ظهر دين النصرانية وغلب على أرض مصر فانتصروا، وبقوا على ذلك إلى أن فتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأسلم بعضهم وبقي بعض على دين النصرانية، ومذهبهم مذهب اليعاقبة.
وأما أخلاقهم فالغالب عليهم اتباع الشهوات، والانهماك في اللذات، والاشتغال بالترهات، والتصديق بالمحالات، وضعف المرائر والعزمات، إلى غير ذلك مما حكاه أبو الحسين علي بن رضوان في ذلك واقتصه، وأورده من الأمور الطبيعية وموجبه، وكفى به حكماً منصفاً، وشاهداً عدلاً.
وحكى الوصيفي في كتابه الذي ألفه في أخبار مصر أن أهلها في الزمن السابق كانوا يعتقدون أن هذا العالم، الذي هو عالم الكون والفساد أقام برهة من الدهر خالياً من نوع الإنسان، وأن تلك الأنواع مختلفة على خلق فاذة، وهيئات شاذة، ثم حدث نوع الإنسان فنازع تلك الأنواع فغلبها واستولى عليها، وأفنى أكثرها قتلاً، وشرد ما بقي منها إلى القفار، وأن تلك المشردة هي الغيلان والسعالي وغير ذلك، مما حكاه من اعتقاداتهم المستحيلة، وتصوراتهم الفاسدة، وتوهماتهم النافرة. إلا أنه يظهر من

الصفحة 24