كتاب نوادر المخطوطات (اسم الجزء: 1)
تصوره وفهمه. وكان مثله في عظم دعاويه، وقصوره عن أيسر ما هو متعاطيه كقول الشاعر:
يشمر للج عن ساقه ... ويغمره الموج في الساحل
أو كما قال آخر:
تمنيتم مائتي فارس ... فردكم فارس واحد
وكان بمصر طبيب من أهل أنطاكية يسمى "جرجس"، ويلقب بالفيلسوف، على نحو ما قيل في الغراب: أبو البيضاء، وفي اللديغ: سلي، وقد تفرغ للتولع [بأبي الخير سلامة بن رحمون اليهودي الطبيب المصري] والإزراء عليه، وكان يزور فصولا طبية وفلسفية يبرزها في معارض ألفاظ القوم، وهي محال لا معنى لها، وفارغة لا فائدة فيها، ثم ينفذها إلى من يسأله عن معانيها، ويستوضحه أغراضها، فيتكلم عليها ويشرحها بزعمه دون تيقظ و [لا] تحفظ، بل باسترسال واستعجال، وقلة اكتراث وسوء اهتبال، فيؤخذ منه ما يضحك منه ويشرح الصدر.
[وأنشدت] لجرجس هذا فيه، وهو أحسن ما سمعته في هجو طبيب مشؤوم، وأنا متهم له فيه:
الصفحة 36
458