كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ت محيي الدين عبد الحميد (اسم الجزء: 1)
ولما خلص للملك الأفضل ملك دمشق بعد وفاة أبيه: «استقلّ ضياء الدين بن الأثير بالوزراة، وردّت أمور الناس إليه، وصار الاعتماد في جميع الأحوال عليه» «1» فأساء ضياء الدين السيرة ويقول ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة «2» . إنه: «شغف قلوب الجند إلى مصر حتى ساروا إليها فلقيهم الملك العزيز عماد الدين عثمان بن صلاح الدين، وأكرم مثواهم» : «ولما انفصل الجند عن دمشق فوّض الملك الأفضل أمر الدولة إلى وزيره ابن الأثير وحاجبه الجمال محاسن ابن العجمي، ولم يكن أحدهما أحسن سياسة من الآخر، فأفسدا عليه الأحوال وكانا سببا في زوال دولته» «3» ، ويقال «4» : «إن أهل البلاد حينما خرج الأفضل هموا بقتل ضياء الدين بن الأثير، وإن الحاجب ابن العجمي أخرجه مستخفيا في صندوق مقفل عليه، ثم صار إليه وصحبه إلى مصر» ؛ ويقال: «إن الملك الأفضل حينما عاد إلى البلاد الشرقية طلب إلى ضياء الدين أن يخرج معه ليعود إلى خدمته، فلم يقبل ذلك لأنه خاف على نفسه من جماعة كانوا يقصدونه» . ولما استقرّ الملك الأفضل في سميساط عاد إلى خدمته، ولكنه لم يطل مقامه عنده، وما عتم أن فارقه، واتصل بخدمة الملك الظاهر غازي صاحب حلب، وهو أخو الملك الأفضل، ولم يطل مقامه عنده أيضا، ولا انتظم أمره، فعاد إلى الموصل، فلم يستقم حاله أيضا، فترك الموصل إلى إربل، ثم فارقها إلى سنجار، ثم عاد إلى الموصل واتخذها دار إقامته وكتب الإنشاء لصاحبها ناصر الدين محمود ابن الملك القاهر عزّ الدين مسعود بن نور الدين أرسلان شاه. ويقول تقيّ الدين أحمد بن علي المقريزي في كتاب السلوك «5» : «واستوزر الأفضل الوزير ضياء الدين نصر الله بن محمد بن الأثير، وفوض إليه أموره كلها؛ فحسّن له طرد أمراء أبيه وأكابر أصحابه، وأن يستجدّ أمراء غيرهم؛ ففارقه جماعة منهم الأمير فخر الدين جهاركس، وفارس الدين ميمون القصري،
الصفحة 13
414