كتاب روح البيان (اسم الجزء: 1)

الامة ربتها وان ترى العراة الحفاة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) قال صدقت ثم انطلق فلما كان بعد ثالثة قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عمر هل تدرى من الرجل) قلت الله ورسوله اعلم قال (ذاك جبريل أتاكم يعلمكم امر دينكم وما أتاني في صورة الا عرفته فيها الا في صورته هذه) وفي التأويلات النجمية يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ اى بنور عيبى من الله فى قلوبهم نظروا في قول محمد صلى الله عليه وسلم فشاهدوا صدق قوله فآمنوا به كما قال عليه السلام (المؤمن ينظر بنور الله) واعلم ان الغيب غيبان غيب غاب عنك وغيب غبت عنه فالذى غاب عنك عالم الأرواح فانه قد كان حاضرا حين كنت فيه بالروح وكذرة وجودك فى عهد الست بربكم واستماع خطاب الحق ومطالعة آثار الربوبية وشهود الملائكة وتعارف الأرواح من الأنبياء والأولياء وغيرهم فغاب عنك إذ تعلقت بالقالب ونظرت بالحواس الخمس اى بالمحسوسات من عالم الأجسام واما الغيب الذي غبت عنه فغيب الغيب وهو حضرة الربوبية قد غبت عنه بالوجود وما غاب عنك بالوجود وهو معكم أينما كنتم أنت بعيد منه وهو قريب منك كما قال وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ انتهى كلام الشيخ نجم الدين قدس سره قال الشيخ سعدى
دوست نزديكتر از من بمنست ... وين عجبتر كه من از وى دورم
چهـ كنم با كه توان كفت كه او ... در كنار من ومن مهجورم
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ الصلاة اسم للدعاء كما في قوله تعالى وَصَلِّ عَلَيْهِمْ اى ادع لهم والثناء كما في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ والقراءة كما في قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ اى بقراءتك والرحمة كما في قوله تعالى أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ والصلاة المشروعة المخصوصة بافعال واذكار سميت بها لما في قيامها من القراءة وفي قعودها من الثناء والدعاء ولفاعلها من الرحمة والصلاة في هذه الآية اسم جنس أريد بها الصلوات الخمس وإقامتها عبارة عن المواظبة عليها من قامت السوق إذا نفقت او عن التشمر لادائها من غير فتور ولا توان من قولهم قام بالأمر واقامه إذا جد فيه وتجلد وضده قعد عن الأمر وتقاعد او عن أدائها فان قول المؤذن قد قامت الصلاة معناه أخذوا في أدائها عبر عن أدائها بالإقامة لاشتمالها على القيام كما عبر عنها بالقنوت والركوع والسجود والتسبيح او عن تعديل أركانها وحفظها من ان يقع في شىء من فرائضها وسننها وأدائها زيغ من اقام العود إذا قومه وعدله وهو الأظهر لانه أشهر والى الحقيقة اقرب وافيد لتضمنه التنبيه على ان الحقيق بالمدح من راعى حدودها الظاهرة من الفرائض والسنن وحقوقها الباطنة من الخشوع والإقبال بقلبه على الله تعالى لا المصلون الذين هم عن صلاتهم ساهون قال ابراهيم النخعي إذا رأيت رجلا يخفف الركوع والسجود فترحم على عياله يعنى من ضيق المعيشة وذكر ان حاتما الزاهد دخل على عاصم بن يوسف فقال له عاصم يا حاتم هل تحسن ان تصلى فقال نعم قال كيف تصلى قال إذا تقارب وقت الصلاة أسبغ الوضوء ثم استوى في الموضع الذي أصلي فيه حتى يستقر كل عضو منى وارى الكعبة بين حاجبى والمقام بحيال صدرى والله فوقى يعلم ما في قلبى وكأن قدمى

الصفحة 33