كتاب روح البيان (اسم الجزء: 1)

تضعيفا وحكمة اخرى في كونها خمس صلوات انها كانت متفرقة في الأمم السالفة فجمعها سبحانه لنبيه وأمته لانه عليه السلام مجمع الفضائل كلها دنيا وآخرة وأمته بين الأمم كذلك فاول من صلى الفجر آدم والظهر ابراهيم والعصر يونس والمغرب عيسى والعشاء موسى عليهم السلام فهذا سر القرار على خمس صلوات وقيل صلى آدم عليه السلام الصلوات الخمس كلها ثم تفرقت بعده بين الأنبياء عليهم السلام وأول من صلى الوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لذلك قال (زادنى ربى صلاة) اى الوتر على الخمس او صلاة الليل فافهم وأول من بادر الى السجود جبريل عليه السلام ولذلك صار رفيق الأنبياء وخادمهم وأول من قال سبحان الله جبريل والحمد لله آدم ولا اله الا الله نوح والله اكبر ابراهيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كل ذلك في كشف الكنوز وحل الرموز وذكر في الحكم الشاذلية وشرحها انه لما علم الحق منك وجود الملل لون لك الطاعات لتستريح من نوع الى نوع وعلم ما فيك من وجود الشره المؤدى الى الملل القاطع عن بلوغ الأمل فحجرها عليك فى الأوقات إذ جعل في اليوم خمسا وفي السنة شهرا وفي المائتين خمسة وفي العمر زورة ولكل واحدة في تفاصيلها وقت لا تصح في غيره كل ذلك رحمة بك وتيسيرا للعبودية عليك وقد قيد الله الطاعات بأعيان الأوقات كيلا ينفك عنها وجود التسويف ووسع الوقت عليك كى تبقى صفة الاختيار: قال المولى جلال الدين قدس سره
كر نباشد فعل خلق اندر ميان ... پس مكو كس را چرا كردى چنان
يك مثال اى دل پى فرقى بيار ... تا بدانى جبر را از اختيار
دست كان لرزان بود از ارتعاش ... وانكه دستى را تو لرزانى ز جاش
هر دو جنبش آفريده حق شناس ... ليك نتوان كرد اين با آن قياس
وفي التأويلات النجمية بداية الصلاة اقامة ثم ادامة فاقامتها بالمحافظة عليها بمواقيتها وإتمام ركوعها وسجودها وحدودها ظاهرا وباطنا وادامتها بدوام المراقبة وجمع الهمة في التعرض لنفحات الطاف الربوبية التي هي مودعة فيها لقوله عليه السلام (ان الله في ايام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها) فصورة الصلاة صورة التعرض والأمر بها صورة جذبة الحق بان يجذب صورتك عن الاستعمال لغير العبودية وسر الصلاة حقيقه التعرض ففى كل شرط من شرائط صورتها وركن من أركانها وسنة من سننها وأدب من آدابها وهيئة من هيآتها سر يشير الى حقيقة التعرض لها ومن شرائط الصلاة الوضوء ففى كل ادب وسنة وفرض منه سر يشير الى طهارة يستعد بها لاقامة الصلاة ففى غسل اليدين اشارة الى تطهير نفسك عن تلوث المعاصي وتطهير قلبك عن تلطخ الصفات الذميمة الحيوانية والسبعية والشيطانية كما قال تعالى لحبيبه عليه السلام وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ جاء في التفسير اى قلبك فطهر وغسل الوجه اشارة الى طهارة وجه همتك من دنس ظلمة حب الدنيا فانه رأس كل خطيئة ومن شرائط الصلاة استقبال القبلة وفيه اشارة الى الاعراض عما سوى طلب الحق والتوجه الى حضرة الربوبية لطلب القربة والمناجاة ورفع اليدين اشارة الى رفع يد الهمة عن الدنيا والآخرة والتكبير

الصفحة 36