كتاب شرح منتهى الإرادات للبهوتي = دقائق أولي النهى ط عالم الكتب (اسم الجزء: 1)

الطَّهَارَةِ وَلِعُمُومِ الْخَبَرِ الْآتِي (لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ) لَا بَعْضِهَا (عَنْ حَدَثٍ) بِحَيْثُ تَكُونُ خَلْوَتُهَا بِاسْتِعْمَالٍ (كَخَلْوَةِ نِكَاحٍ) فَلَا أَثَرَ إذَا شَاهَدَهَا مُمَيِّزٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ قِنٌّ (تَعَبُّدًا) أَيْ قُلْنَا ذَلِكَ تَعَبُّدًا، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ، وَعَدَمِ عَقْلِ مَعْنَاهُ قَالَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ ( «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ.» ) رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَنَّ النَّسَائِيّ وَابْنَ مَاجَهْ قَالَا: " وُضُوءِ الْمَرْأَةِ " وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَكْثَرُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِيه الْقِيَاسُ، فَيَكُونُ تَوْقِيفًا، وَمِمَّنْ كَرِهَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ، وَخُصِّصَ بِالْخَلْوَةِ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ " تَوَضَّأْ أَنْتَ هَاهُنَا وَهِيَ هَاهُنَا فَإِذَا خَلَتْ بِهِ فَلَا تَقْرَبَنَّهُ " وَبِالْقَلِيلِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْكَثِيرِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَتَطَهَّرْنَ مِنْ الْقَلِيلِ.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِخَلْوَتِهَا بِالتُّرَابِ، وَلَا بِالْمَاءِ لِإِزَالَةِ خَبَثٍ، أَوْ طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ، وَلَا لِخَلْوَةِ خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَلَا لِغَيْرِ بَالِغَةٍ، وَلَا لِبَعْضِ طَهَارَةٍ (وَيُزِيلُ) الْمَاءُ الطَّهُورُ، عَطَفَ عَلَى يَرْفَعُ، أَيْ وَيُزِيلُ (الْخَبَثَ الطَّارِئَ) عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ قَبْلَهُ غَيَّرَهُ، لِمَا يَأْتِي فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ نَجَسَ الْعَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ (وَهُوَ) أَيْ الْمَاءُ الطَّهُورُ الْمَاءُ (الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ) أَيْ صِفَتِهِ، وَهِيَ الطَّهُورِيَّةُ، أَيْ هُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِوَصْفٍ دُونَ آخَرَ، وَهُوَ مَاءُ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَنَبْعِ الْأَرْضِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ، وَمَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَطَرٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، عَذْبًا كَانَ أَوْ مَالِحًا بَارِدًا أَوْ حَارًّا.
(وَلَوْ تَصَاعَدَ) الْمَاءُ (ثُمَّ قَطَرَ كَبُخَارِ الْحَمَّامَاتِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُزِيلُ طَهُورِيَّتَهُ (أَوْ اُسْتُهْلِكَ فِيهِ) أَيْ الطَّهُورِ مَاءٌ (يَسِيرٌ مُسْتَعْمَلٌ، أَوْ) اُسْتُهْلِكَ فِيهِ (مَائِعٌ طَاهِرٌ) كَلَبَنٍ (وَلَوْ) كَانَ اسْتِهْلَاكُهُ فِيهِ (لِعَدَمِ كِفَايَةِ) الطَّهُورِ لِلطَّهَارَةِ قَبْلَهُ (وَلَمْ يُغَيِّرْهُ) مَا اُسْتُهْلِكَ فِيهِ إنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي الصِّفَةِ أَوْ الْفَرْضِ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ.
وَالْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لَا فِي سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُنْدُسٍ، خِلَافًا لِلرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ، وَتَبِعَهُمْ فِي شَرْحِهِ، فَإِنْ غَيَّرَهُ سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ، وَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ (أَوْ اُسْتُعْمِلَ) الطَّهُورُ (فِي طَهَارَةٍ لَمْ تَجِبْ) كَتَجْدِيدٍ وَغُسْلِ جُمُعَةٍ (أَوْ) اُسْتُعْمِلَ فِي (غُسْلِ كَافِرٍ) وَلَوْ ذِمِّيَّةٍ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِحِلِّ وَطْءٍ لِمُسْلِمٍ، فَلَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ (أَوْ

الصفحة 15