كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

{آمَنَتْ} فإنه يريد به القول باللسان والعقد بالجنان؛ ولهذا قال الله عزّ وجل: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ}، فلا يريد منا أن نقول ذلك بألسنتنا فقط، بل بألسنتنا وقلوبنا.
وقوله: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا} توسلوا إلى الله بربوبيته، للإخبار بحالهم في الإيمان به، كأنهم يقولون: ربنا آمنا، ولكننا لم نصل إلى الإيمان إلا بربوبيتك لنا، تلك الربوبية الخاصة المقتضية للعناية التامة.
وقوله: {إِنَّنَا آمَنَّا} مؤكد بـ (إنَّ) وقد سأل جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما الإيمان؟
قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره" (¬١).
وقال الله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥]. فالإيمان هنا يشمل الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، وهو ستة أنواع: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. والإيمان ليس هو مجرد التصديق؛ ولهذا يقال: (آمنا به) ويقال: (آمنا له) وبينهما فرق، والإيمان لابد أن يكون مقرونًا بقبول وإذعان؛ يعني: يصدق، ثم يقبل، ثم يذعن، فهذا هو الإيمان، ولهذا يقال: (آمنت به) ولا يقال: (آمنته).
ولو كان الإيمان مرادفًا للتصديق لصحَّ أن يقال: (آمنته) كما يقال: (صدقته).
---------------
(¬١) تقدم تخريجه (ص ٦٢).

الصفحة 107