كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

فقريش كانوا إذا سُئلوا: مَنْ خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله. لكن قالوا في القرآن: إنه كهانة وشعر وسحر وما أشبه ذلك.
وقوله: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}:
والعذاب هنا بمعنى العقوبة، والشديد: القوي. يعني العقوبة قوية -والعياذ بالله- وقد ذكر الله تعالى في القرآن، وذكر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في السنّة أصنافًا وأنواعًا من هذا العذاب تقشعر منه الجلود، وتوجل منه القلوب. قال الله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: ٢٩] إن يستغيثوا، ولا يستغيثون إلا لشدة الحر والظمأ، فإذا أغيثوا يؤتون بماء يشوي الوجوه، إذا أقبلوا به إلى أفواههم ليشربوه شوى وجوههم والعياذ بالله.
قال تعالى: {بِئْسَ الشَّرَابُ} [الكهف: ٢٩] هذا شرابهم.
وقال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: ٤٣ - ٤٦] هذا طعامهم.
وأما لباسهم فقال تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: ٥٠].
ومقرهم: قال تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [العنكبوت: ٥٥].
{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ٥٦].
ولأهل هذا العذاب الصراخ والعويل. قال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}

الصفحة 14