وقوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}:
الجملة هنا استئنافية للتعليل والتوسل. يعني إننا إنما طلبنا منك هبة الرحمة لأنك أنت الوهاب، وأُتي بالضمير (أنت) ويسمى ضمير الفصل لثلاث فوائد:
١ - الفصل بين الصفة والخبر.
٢ - التوكيد.
٣ - الحصر.
و{الْوَهَّابُ} يعني الكثير العطاء، وهذه صفة لازمة له، والذين يعطيهم الله كثيرون لا يحصون.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يد الله ملأى، سحَّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يَغِضْ ما في يمينه" (¬١).
وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنَّكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلَّا كما ينقص المخيط إذا غُمس في البحر" (¬٢). وهذا لا ينقص البحر شيئًا! فالله عزّ وَجَلَّ لا يحصي أحد هباته أبدًا حتَّى بالنسبة لك أنت بنفسك لا تحصي هبات الله لك، قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٤].
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، رقم (٧٤١١). ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، رقم (٩٩٣).
(¬٢) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (٦٥٧٢).