كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

قال: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}.
{تُتْلَى}: أي تُقرأ عليكم، والتلاوة تأتي بمعنى القراءة، أي: تقرأ عليكم، وإذا وقعت من الفاعل فقيل (تلا) صار لها معنيان:
المعنى الأول: القراءة.
والمعنى الثاني: الاتباع.
ففي قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: ١٢١]، يتلونه يعني يقرؤونه، ويتَّبعونه، فهنا تُتلى عليهم آيات الله، أي تُقرأ .. والذي يقرؤها عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، السند: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريل عن الله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٤] فهم يُتلى عليهم بواسطة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {آيَاتِ اللَّهِ} جمع آية، وهي العلامة، والمراد بها هنا القرآن، والقرآن آيات، كل آية منه دليل على المتكلم بها وهو الله سبحانه وتعالى، على ما له من الصفات المقتضية لتلك الآيات، ولهذا كل آية من القرآن فإنها معجزة، كما قال الله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور: ٣٤] (حديث) آية، أو عشر آيات، أو سورة، أو عشر سور، أو القرآن كله .. معجزة.
والمراد بآيات الله هنا الآيات الشرعية؛ لأن الآيات الكونية لا تُتلى لكن يُتلى عنها، أي يُخبر عنها: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: ٣٧].
{وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}. (في): للظرفية {فِيكُمْ} أي: في مجتمعكم، وليس حالًّا فيهم عليه الصلاة والسلام، لكنه في مجتمعهم كما قال حسان بن ثابت:

الصفحة 574