كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

وهناك شيءٌ آخر يضربون عليه وهو مسألة الحدود والتعزيرات، يشوِّهون الإسلام بأنه يقطع اليد -يد السارق- ويرجم الزاني، يشوِّهون هذا حتى يُضعفوا هذه الناحية، ومن المعلوم أنه إذا ضعف الإيمان فلابد من رادع السلطان، فإن ضعف الإيمان وعُدم رادع السلطان، صارت المسألة فوضى، كل يفعل ما شاء، يكفر، يزني، يسرق، يشرب الخمر .. ؛ لأنه لا توجد حدود رادعة، والإيمان ضعيف بناء على أنهم يقولون: اجعلوا كل إنسان حرًّا في نفسه، ويتحلل الناس من الدين بمثل هذه الطرق، إلقاء الأفكار الرديئة في المسلمين. هذه من أساليب اليهود والنصارى التي يُضللون بها الناس، ويردونهم بعد إيمانهم كافرين.
كذلك أيضًا من أساليبهم التي يردون بها الناس عن الإيمان أن يزيِّنوا للناس محبة المال، وجباية المال، بكل ما يكون بحلال أو حرام، فيزينوا لهم المكاسب الربوية بشتى أنواعها، والمكاسب الميسرية بشتى أنواعها التي تتمثَّل في التأمينات وما أشبهها، فإن التأمينات لا شك أنها من الميسر؛ لأن المؤَمِّن والمؤمَّن له عقدهما دائرٌ بين الغنم والغرم، وهذا هو الميسر تمامًا، والنفس إذا اعتادت ذلك نسيت كل شيء. صار أكبر همِّها أن تكتسب هذا المال بالربا؛ لأن الربا يوجب زيادة المال باطِّراد، وزيادة الظلم باطِّراد، زيادة المال لآخذ الربا، والظلم لموكل الربا، فتأخذ النفس على الجشع، والشح، وحب المال، وتنسى ما خُلقت له. كذلك الميسر وعلى رأسه القمار، يجلس المتقامران في مجلس، كل واحد عنده خمسة ملايين من الأموال مثلا فَتحصل لعبة القمار فإذا بأحدهما يكتسح مال الآخر كله، خمسة ملايين فيصبح هذا

الصفحة 580