كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

وأقول رأيي في هذا: إن كل واحد مقصِّر، لم يقم كل واحد بالواجب عليه. كل واحد في الشعوب الإسلامية، وولاة المسلمين مقصِّر لم يقم بالواجب، ولا ينبغي أن نقْصِر التقصير على طائفة معيَّنة، أو هيئة معيَّنة، بل كلنا مقصِّرون. هل الإنسان إذا رأى منكرًا من أخيه يقول: يا أخي تعال هذا حرام، لا يجوز، اتَّق الله؟ لا. مع أن هذا لم يُمنع منه أحد، ومع ذلك لا تجد من يقوم بهذا إلا النادر. لو أن الناس عُوّدوا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا شأن المسلمين كلهم "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر" (¬١) لتغيَّر الأمر. والمعروف لا يُشترط له أن يكون له طائفة معينة من قبل الولاة، كلٌ يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، لكن بالحكمة، وأنا أقول دائمًا: إن الأمر بالمعروف غير تغيير المنكر. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس هو تغيير المنكر.
تغيير المنكر يحتاج إلى سلطة، لكن الأمر لا يحتاج إلى سلطة، كلٌ يأمر وينهى، وقد ذكرنا أن هناك ثلاثة أشياء تشتبه على بعض الناس وهي مختلفة:
١ - الدعوة.
٢ - والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٣ - والتغيير.
قال الله عزّ وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا
---------------
(¬١) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، رقم (٤٣٣٦). ورواه الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رقم (٢١٦٩). ورواه أحمد في مسنده، رقم (٢٢٧٩٠).

الصفحة 582