كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

٥ - أن حرص الكفار على ذلك من أجل إيماننا، وبناء عليه فإننا نُنزل القاعدة السابقة: (أن ما عُلِّق على وصف فإنه يزداد بزيادة ذلك الوصف وقوته) وعلى هذا فثقوا أنه كلما ازداد المؤمنون تمسُّكًا بدينهم ستزداد شراسة الكفار في صدهم عن دينهم. ما دام الوصف هو الإيمان، فإنه كلما ازددنا تمسكًا بالإيمان، ازداد الكفار شراسة في صدنا عن الإيمان، ومثل ذلك أيضًا: الطاعة والمعصية، كلما ازداد الناس في الإقبال على الله والتمسك بهديه، ازداد أهل الفسوق شراسة في القضاء على هذه القوة في الطاعة.
٦ - أن من أهل الكتاب من لا يُحاول إضلالنا عن ديننا، يؤخذ هذا من قوله: {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}.
ومن فوائد قوله عزّ وجل: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
١ - استبعاد أن يرتد المؤمن كافرًا، وهو يُتلى عليه كتاب الله وفيهم رسوله، والواقع شاهد بذلك، ولم تحصل الردة إلا بعد موت الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
٢ - أن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والإقبال عليهما أعظم مانع يمنع من الكفر؛ يؤخذ من قوله: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ} يعني بعيد منكم الكفر إذا كانت تُتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله، آيات الله تُتلى علينا الآن، ورسوله ليس فينا ولكن فينا سنته، فنأخذ من هذا أنه كلما تمسَّكنا بكتاب الله وسنة رسوله، فإن ذلك سيكون حصنًا منيعًا دون الكفر.

الصفحة 584