كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

خرج من ظهره ومات، فلما أصبح الرجل غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وبم؟ قال: إن الرجل الذي قلت إنه من أهل النار فعل كيت وكيت، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار" (¬١)، يعني يكون في قلبه -نسأل الله العافية- سرٌّ خبيث ليطيح به في مواضع الشدة والضيق. يعنى أنه تخونه سريرته عند الموت؛ لأن قلبه فيه شيء، ولهذا يجب علينا أن نطهر قلوبنا دائمًا وأبدًا ونغسلها فليس العبرة أن يصلي الإنسان أو أن يصوم إذا كان قلبه خربًا؛ لأن كل إنسان يستطيع أن يصلي أحسن صلاة لأنه عمل جوارح، ولكن الكلام على عمل القلب، أسأل الله أن يطهر قلوبنا جميعًا.
لذا علينا أن نحرص على ملاحظة القلوب وإصلاحها، وإخراج النفاق منها، وإخراج الشك وإبعاده، وإخراج الحسد والغل والحقد على المسلمين؛ لأن كل هذا من خصال اليهود، أحسد الناس وأشدهم غلًا اليهود، هل ترضى أن يكون في قلبك خلق من أخلاق اليهود؟ لا أحد يرضى بهذا النفاق من أخلاق المنافقين، لا أحد يرضى أن يكون منافقًا. فالمهم أن نحرص حرصًا شديدًا على إصلاح القلوب.
لما جيء برجل كان يشرب الخمر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ويكرر شرب الخمر، فدعا عليه رجل من الصحابة وسبَّه، وقال: ما أكثر ما يؤتى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
---------------
(¬١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، رقم (٤٢٠٢). ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، رقم (١١٢).

الصفحة 592