كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

ليعاقبه على شرب الخمر قال: "لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا إنه يحب الله ورسوله" (¬١) -سبحان الله-، انظر إلى طهارة قلبه، نفسه الأمارة بالسوء تحدوه إلى أن يشرب الخمر، لكن قلبه مملوء بمحبة الله ورسوله. فالمدار كله على القلب، ولذلك يجب علينا أن نحرص حرصًا كثيرًا على صلاح القلب؛ لأن هذا يوجب حسن الخاتمة، ولهذا قال تعالى: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
٧ - أن الإسلام يدخل فيه الإيمان عند الإطلاق، وهو كذلك. والدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام: "ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان" (¬٢)، فالإسلام عند الإطلاق يدخل فيه الإيمان، وأما عند الجمع فالإسلام عمل الجوارح، والإيمان عمل القلب كما قال بعض السلف: (الإيمان سر، والإسلام علانية).
فإن قال قائل: ما تقولون في قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٥، ٣٦]، فهذا ظاهره أن الإيمان والإسلام شيء واحد مع أنهما ذكرا جميعًا في موضع واحد؟
فالجواب: أن يقال: البيت لم يخرج كله، إنما الذي خرج المؤمنون من أهل البيت، والقصة في لوط، امرأته كافرة لم يخرج بها لكنها في بيت إسلام، ولم تظهر أنها كافرة. والدليل على أنها لم تظهر أنها كافرة أن الله تعالى قال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ
---------------
(¬١) رواه البخاري، في كتاب الحدود، باب ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج، رقم (٦٧٨٠).
(¬٢) تقدم تخريجه (ص ٥٨٩).

الصفحة 593