كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: ١٠]، فهي لم تظهر أنها كافرة، فالبيت بيت إسلام، ولهذا قال: {غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} لكن الإيمان ليس لأهل البيت كلهم، ولهذا بقيت الزوجة، وخرج الأهل، فالقاعدة الصحيحة: أن الإسلام والإيمان يكونان مترادفين، ويكونان متباينين، يكونان مترادفين إذا افترقا، ويكونان متباينين إذا اجتمعا: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤]، هذا واضح على أن هناك فرقًا بين الإيمان والإسلام.
* * *

• ثم قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: ١٠٣].
هذا داخل تحت قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: ١٠٢] فهي معطوفة على {اتَّقُوا اللَّهَ}. وقوله {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} وفيما سبق قال: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١٠١]، والاعتصام بالله الاعتماد عليه، والتوكل عليه، والاستعانة به، والاعتصام بحبله أي بشرعه. فحبل الله هو شرعه. وسمي شرعه حبلًا لأنه موصل إليه، والحبل كما تعلمون يوصل إلى المقصود. فإن الإنسان إذا أراد أن يشرب من البئر أدلى الدلو بالحبل، بالرشاء. فحبل الله هو شرعه الموصل إليه كما يقال: حبل البئر الرشاء الموصل إلى الماء ليستقي منه الساقي. وأضيف إلى الله عزّ وجل

الصفحة 594