كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

لأمرين: الأمر الأول: أنه هو الذي وضعه سبحانه وتعالى، والأمر الثانى: أنه موصل إليه.
وقوله: {جَمِيعًا} حال من الواو في اعتصموا، يعني اعتصموا كلكم، لا يشذ أحد عن هذا الاعتصام.
{وَلَا تَفَرَّقُوا} في حبل الله، كونوا جميعًا تحت المظلة الشرعية، لا يشذ أحد منكم ولا تفرقوا أحزابًا ولا أفرادًا.
{وَاذْكُرُوا}: اذكروا بألسنتكم، واذكروا بقلوبكم، والذكر بالقلب هو التذكر، يتذكر الإنسان حتى ولو كان وحده، في بيته يتذكر الحال التي أشار الله سبحانه وتعالى إليها، اذكروا أيضًا بألسنتكم ثناءً على الله بذلك وتحدثًا بنعمته.
{نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} والنعمة بمعنى العطاء والرزق. وهذه النعمة التي ذكر الله هنا، وأمرنا أن نذكرها، هي من أكبر النعم ولهذا قال: {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً} هذا بيان هذه النعمة، أي أن بعضكم عدو لبعض. ولا شك أنه مع العداوة لا يمكن أن تستقيم الأمة. فالعداوة التي كانت بينهم قبل الإسلام أزالها الله تعالى بالإسلام. ومن ذلك ما كان بين قبائل العرب من قريش وهوازن وغيرهم، وما كان بين قبائل الأنصار بين الأوس والخزرج، حروب، وفتن، عداوات، وثأرات. شيء إذا قرأه الإنسان في التاريخ يقول: إن من أكبر نعم الله على العرب أن جاء بهذا الإسلام. ولهذا ذكَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار بذلك حين قسم غنائم حنين. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكيمًا، أعطى المؤلفة قلوبهم عطاءً كثيرًا، حتى إنه يعطي الإنسان مائة ناقة. فصار في قلوب بعض الأنصار شيء، حتى إنهم قالوا وجد أصحابه فأعطاهم، أو كلمة

الصفحة 595