كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

شرع الله تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، ودعوا إلى الخير وصاروا أمة واحدة، كل إنسان يخشى الله في أخيه لا يعتدي عليه لا على ماله ولا على عرضه ولا على دمه، لماذا؟ لأنهم أمة واحدة جميعًا، ففي الاجتماع عصمة في الداخل وعصمة في الخارج.
٤ - تحريم التفرق في القلوب، لأن المدار على التفرق في القلوب، أما التفرق في الأبدان فضروري أن يتفرق الناس، كل الآن في بيته، وفي الأقوال أيضًا يتفرقون، وما أكثر الخلاف بين أهم العلم قديمًا وحديثًا في المسائل العلمية، لكن الذي يجب على المسلمين أن يبعدوا عنه، هو التفرق بينهم في القلوب لأنه هو الذي عليه المدار، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" (¬١) فالمدار على القلوب. إذن في هذه الآية دليل على تحريم التفرق في القلوب حتى لو تفرقت الأبدان أو تفرقت الأقوال، فالواجب أن القلوب لا تتفرق، وكان اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في الاجتهاد المؤدي إلى التفرق في الأقوال لكن القلوب واحدة، لا يكره بعضهم بعضًا إذا خالفه في الرأي. بل إني أؤكد ما ذكرت سابقًا: إنه ينبغي للإنسان العاقل أنه إذا خالفه أخوه في رأيه بمقتضى الدليل عنده أن يكون ذلك أدعى إلى قوة المحبة له لأنه خالفه للدليل، والثاني أيضًا خالفه للدليل، فكان ينبغي عليه أن تكون محبته أقوى؛ لأن الرجل لم يحابني في ذات الله،
---------------
(¬١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول، رقم (٤٣٢).

الصفحة 601