كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

أكبر من نعمته على من هو دوني في العلم، اذكر نعمة الله عليك في الصحة، فإن من الناس بل إن كثيرًا من الناس يئن من المرض وأنت في صحة، اذكر هذه النعمة حتى لو فيك مثلًا مرض أو عيب في عضو من أعضائك فاذكر من هو أشد، من هو مريض بعضوين ومعيب بعيبين وهكذا، أيضًا اذكر نعمة الله عليك بالدين، إذ أنعم الله عليك بالدين وهذه أكبر نعمة لأنه هو الربح في الدنيا والآخرة، اذكر نعمة الله عليك بالدين في مقابلة الكفر، هذا في أصل الإيمان، ثم اذكر نعمة الله عليك بالثبات على الإسلام وتطبيق أحكام الإسلام حيث إنه يوجد من هو مسلم ولكن مخالف عاصٍ عنده فسوق. إذن ذكر نعمة الله علينا واجب حتى نعرف قدر نعمة الله ونشكر ربنا سبحانه وتعالى على نعمه التي حرُم منها كثير من الناس.
٦ - أن من أكبر نعم الله على الأمة أن يؤلف بين قلوبها؛ لقوله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} ولا شك أن هذا من أكبر النعم أن يؤلف الله بين القلوب ويجمع بينها؛ لأنه إذا تفرقت القلوب فسد كل شيء؛ فتأليف القلوب من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى على الأمة، ومن تحتها القبيلة، ومن تحتها الفخذ، ومن تحتها الأخوة، فإذا ألف الله تعالى بين القلوب -ابدأ من الأولاد والآباء إلى ما شاء الله- فهذه من أكبر النعم، أما إذا تعادت القلوب فبئس المجتمع، مجتمع تعادت قلوبه وتنافرت. وقد ذكَّر الله سبحانه وتعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بهذه النعمة فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: ٦٢، ٦٣] لو أنفقت كل ما في الأرض من ذهب وفضة وثمار وزروع ومواشٍ وغيرها لو أنفقته

الصفحة 603