كتاب تفسير العثيمين: آل عمران (اسم الجزء: 1)

عليهم ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم، والحاصل: إن من أكبر نعم الله على الأمة التأليف بين القلوب.
٧ - أن نتيجة التأليف أن يصبح الناس إخوانًا كالأخ مع أخيه تمامًا، بل كما ذكرت سابقًا: إن الروابط الدينية أقوى من الروابط النسبية.
٨ - أنك إذا رأيت الناس متفرقين فإن هذا عنوان على شقائهم، وأن النعمة سُلبت منهم؛ لأنه قال: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} فإذا لم تتحقق الأخوة والتأليف بين القلوب فإن ذلك دليل على أن النعمة في هذا الأمر سلبت منهم.
٩ - منَّة الله سبحانه وتعالى على الصحابة بالذات، حيث ألّف بين قلوبهم بعد أن كانوا أعداء فأصبحوا إخوانًا رضي الله عنهم وهم الذين طبقوا مقتضى الأخوة الحقيقية الصادقة التي بُنيت على الإيمان، لا الأخوة المبنية على القومية أو الوطنية، فهذه أخوة فاشلة باطلة. ولا أدل على فشلها مما عليه العرب اليوم حيث كانوا يعتزون بالقومية العربية، ومع ذلك فشلوا فشلًا ذريعًا، وكذلك الوطنية، اعتزاز الإنسان بوطنيته فشل، لا يمكن أن يكون هناك أخوة إلا بالإيمان والإسلام.
الأنصار من الأوس والخزرج، والعرب طائفة أخرى مقابلة، هؤلاء قحطانيون وهؤلاء عدنانيون، ومع ذلك اجتمعوا على قلب واحد، بل جاءهم أناس من غيرهم، جاء صهيب من الروم، وسلمان من فارس، وبلال من الحبشة، وصاروا إخوانًا لهؤلاء، فإذن نقول: إن الأخوة الحقيقية هي أخوة الإيمان، ولن يقوم للعرب قائمة حتى يرجعوا إلى الأخوة الإيمانية، وإلا فهم

الصفحة 604