كتاب تفسير العثيمين: المائدة (اسم الجزء: 1)

الفائدة الثالثة: وجوب الوفاء بالعقود، لقوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} لأن الأصل في الأمر أنه للوجوب لا سيما إذا كان متعلقًا بحق الآخرين، والعقد متعلق بحق الآخرين؛ لأنه إبرام شيء بينك وبين الآخر، فإذًا لأمر بالوفاء للوجوب.
الفائدة الرابعة: أن جميع العقود حلال، وجه ذلك: أن الله أمر بالوفاء بها، والله تعالى لا يأمر بالوفاء بالفحشاء أبدًا، ولكن هذا ليس على عمومه إذ يستثنى منها ما حرمه الشرع، كبيع الغرر وبيع حبل الحبلة، والبيع بالربا، والقمار، وما أشبه ذلك.
الفائدة الخامسة والسادسة: أن العقود تنعقد بما دل عليها من قول أو فعل بلفظ أو إشارة أو كتابة، وجه ذلك أن الله جل وعلا أطلق العقد فكل ما كان عقدًا بين الناس فهو عقد، ويتفرع على هذا مسائل كثيرة:
منها: جواز البيع بالمعاطاة، والمعاطاة أن يأتي الإنسان إلى الخباز وقد كُتِبَ إعلان (الخبزة بريال) فيضع الريال في مكان الفلوس ويأخذ الخبزة، هذا بيع بالمعاطاة؛ لأنه ليس فيه قبول ولا إيجاب، لكنه بالمعاطاة، وقد عرف عند الناس أنه عقد.
ومن ذلك أيضًا: الركوب في الحافلات، الإنسان يدخل باب الحافلة المفتوح فيدخل ويسلم الأجرة للذي عند الباب، ولا يتكلم ولا يعقد الإجارة بصيغة، هذه أيضًا إجارة بالمعاطاة.
ومن ذلك أيضًا: أن النكاح ينعقد بما دل عليه وأنه لا يحتاج إلى لفظ: زَوَّجْتُكَ، فإذا قال: وهبتك ابنتي، وعلم أن المراد بالهبة ليس مجانًا صح العقد، وكذلك لو قال: ملكتك

الصفحة 11