كتاب تفسير العثيمين: المائدة (اسم الجزء: 1)

ابنتي فقال: قبلت، صح العقد؛ لأن هذا هو المعروف، وقد جاء في حديث الواهبة نفسها عند البخاري لفظ: "ملكتكها بما معك من القرآن" (¬١).
الفائدة السابعة: وجوب الوفاء بالشروط المشترطة في العقد، فإذا عقد رجلان بينهما عقد بيع أو غيره واشترطا شروطًا فالأصل وجوب الوفاء بالشروط، وذلك لأن قوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} يشمل الوفاء بالعقد نفسه وبأوصافه التي هي شروطه؛ لأن الشروط في العقد في الحقيقة أوصاف للعقد، والأمر بالوفاء بالعقد أمر بالوفاء به وبما يتضمنه من الأوصاف.
فإذا اشترط المتعاقدان شرطًا وحصل نزاع في هذا الشرط فالصواب أن هذا الشرط يصح حتى يقيم المانع دليلًا على المنع، وعلى هذا فإننا نُجري الناس على معاملاتهم حتى نتأكد أن فيها مخالفة للشرع، فالأصل إذًا في المعاملات أن تجري على ما هي عليه حتى يقوم دليل على أنها محرمة لأن قوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فيجب الإيفاء بالعقود.
مثال ذلك: رجل باع بيتًا واشترط على المشتري أن يسكنه سنة فيجب على المشتري أن يُمَكِّنَ البائع من ذلك.
مثال آخر: امرأة اشترطت إن جاز لها المقام مع أهله وإلا فلها الفسخ؛ لأنها سمعت أن أمه شريرة طويلة اللسان سريعة الغضب، فقالت: سأقع في مشاكل فالشرط صحيح، فإذا جاز لها
---------------
(¬١) رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب القراءة عن ظهر القلب، حديث رقم (٤٧٤٢)، ومسلم، كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير، حديث رقم (١٤٢٥) عن سهل بن سعد.

الصفحة 12