كتاب اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه (اسم الجزء: 1)
بكر -رضي اللَّه عنه- على فرسه من مسكنه بالسُّنْحِ، حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلِّمْ الناس، حتى دخل على عائشة، فتيمَّم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مُسَجًّى بِبُرْد حِبَرَةٍ، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه يُقَبِّلُهُ، ثم بكى فقال: بأبي أنت (¬1) يا نبي اللَّه، لا يجمع اللَّه عليك مَوْتتَيْنِ، أما الموتة التي كُتِبَتْ عليك فَقَدْ مُتَّها.
قال أبو سلمة: فأخبرني ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أنَّ أبا بكر -رضي اللَّه عنه- خرج وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس. فأبى، فقال: اجلس، فأبى، فتشهد أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فمال الناسُ إليه وتركوا عمر فقال: أما بعد، فمن كان منكم يَعْبُدُ محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ مَاتَ، ومن كان يعبد اللَّه فإن اللَّه حيٌّ لا يموت، قال اللَّه عز وجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى: {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] (¬2)، واللَّه (¬3) لكأنَّ الناس لم يكونوا يعلمون أنَّ اللَّه أنزلها (¬4) حتى تلاها أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فَتَلَقَّاهَا منه الناس فما يُسْمَعُ بشر إلا يتلوها.
¬__________
(¬1) في "صحيح البخاري": "بأبي أنت وأمي".
(¬2) ولفظها في "صحيح البخاري": {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا}.
(¬3) في "صحيح البخاري": "فواللَّه".
(¬4) في "صحيح البخاري": "أنزل الآية".
_______
= الحديث (1241) أطرافه في: (3667، 3669، 4452، 4455، 5710).
الحديث (1242) أطرافه في: (3668، 3670، 4453، 4454، 4457، 5711).