كتاب اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه (اسم الجزء: 1)

الحسين مسلم بن الحَجَّاج القشيري النيسابوري، وأبو داود سليمان بن الأشعث السِّجِسْتَاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي.
فهؤلاء صدور الأئمة الأبرار الذين هجروا في طلب حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الأوطان والأوطار، وأنفقوا في تحصيله نفائس الأموال والأعمار، وارتحلوا في جمعه إلى متفرقات البلدان والأقطار، وبذلوا وسعهم في تمييز صحيحه من سقيمه، ومعوجه من مستقيمه.
ثم دونوا وألفوا، وأسندوا وصنفوا، ثم بذلوا لمن ابتغاه، قاصدين بذلك وجه الإله، فأجورهم دائمة الاستمرار والاستقامة؛ "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة" (¬1)، خصوصًا إمامي علماء الصحيح، المُبَرِّزِينَ في علم الجرح والتعديل: أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري؛ فإنهما جمعا كتبهما على شرط الصحيح، وبذلا جهدهما في ترتيبهما من كل عِلَّة، فتم لهما المراد، وانعقد الإجماع على تلقيهما باسم الصحيحين أو كاد.
فجازى اللَّه جميعهم عن الإسلام أحسن الجزاء، ووفاهم من أجر من انتفع بكتبهم أفضل الإجزاء؛ فلقد حفظ اللَّه بهذين الإمامين الصحيح من سنن الدين، وأنهض بكتبهما حجة المحدثين والعلماء الراسخين.
¬__________
= الكمال" (6/ 227 - 237) رقم (5648)، و"سير أعلام النبلاء" (12/ 391) رقم (171).
(¬1) م: (2/ 705) رقم (69/ 1017) (12)، كتاب الزكاة (20)، باب: الحث على الصدقة في حديث طويل.

الصفحة 5