كتاب اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه (اسم الجزء: 1)
كان يشغلهم الصَّفْقُ (¬1) بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالم (¬2)، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لشِبَع بطنه (¬3)، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون.
45 - وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: قلت: يا رسول اللَّه! إني أسمع منك حديثًا كثيرًا أنساه، قال "ابسط رداءك"، فبسطه، فغرف يديه، ثم قال: "ضُمّه"، فضممته، فما نسيت شيئًا بعدُ.
46 - وعن أبي شُرَيْحٍ -رضي اللَّه عنه- أنه قال لعَمْرو بن سعيد -وهو يبعث البعوث إلى مكة-: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به: حمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: "إن مكة حَرَّمها اللَّه ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يَسْفِكَ بها دمًا، ولا يَعْضِدَ بها شجرة (¬4)، فإنْ أحدٌ تَرَخَّصَ لقتال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها، فقولوا: إن اللَّه قد أَذِنَ لرسوله ولم يأذن
¬__________
(¬1) (الصفق) هو ضرب اليد على اليد، وجرت به عادتهم عند عقد البيع.
(¬2) (يشغلهم العمل في أموالهم)؛ أي: القيام على مصالح زرعهم.
(¬3) في "صحيح البخاري": "بشبع بطنه".
(¬4) (لا يعضد بها شجرة)؛ أي: يقطع بالمعضد، وهو آلة كالفأس.
_______
45 - خ (1/ 59)، في الكتاب والباب السابقين، من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به، رقم (119).
46 - خ (1/ 54)، (3) كتاب العلم، (37) باب: ليبلَغ العلمَ الشاهدُ الغائبَ، من طريق الليث، عن سعيد، عن أبي شريح به، رقم (104)، طرفه في (1832، 4295).