كتاب اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه (اسم الجزء: مقدمة)

بقوله: "باب الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب، وأن ذلك ليس لنجاسته" (¬1).
والقول بعدم نجاسة سؤر الكلب هو مذهب مالك رحمه اللَّه تعالى.
وإذا كانت الرواية في ظاهرها تُخالف مذهب مالك -فإن القرطبي يعقب بذكر مذهب مالك الذي يخالف هذا الظاهر، ويؤول الحديث بما يتوافق مع هذا المذهب.
ففي باب بيع المُدَبَّر في الدين جاء حديث جابر بن عبد اللَّه قال: أعتق رجل منا عبدًا له عن دبر، فدعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به، فباعه" (¬2).
فظاهر هذا الحديث أنه يجوز بيع المدبر؛ لأنه لا زال عبدًا حتى يموت من دبره.
وهذا ما أخذ به بعض العلماء كالشافعي (¬3).
ولكن هذا لا يجوز في مذهب مالك رحمه اللَّه تعالى.
ولهذا أول القرطبي الحديث على هذا المذهب بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- باعه في دين سبق التدبير، فكأن التدبير لا شيء في هذه الحالة، مع هذا الدين الواجب الأداء.
قال: "ويعضد هذا التأويل ما ذكره مالك من أن الأمر المجمع عليه عندهم أن المدبر لا يوهب ولا يُحَرَّك عن حاله".
¬__________
(¬1) قبل رقم (139).
(¬2) رقم (1237).
(¬3) الأم، كتاب اختلاف الحديث (10/ 307 رقم 4267 بتحقيقنا).

الصفحة 25