كتاب المسند للدارمي - ط التأصيل (اسم الجزء: 1)

قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا حَازِمٍ أَنْ تَصْحَبَنَا, فَتُصِيبَ مِنَّا, وَنُصِيبَ مِنْكَ, قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ, قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلاَ, فَيُذِيقَنِي اللهُ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ, قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ, قَالَ: تُنْجِينِي مِنَ النَّارِ, وَتُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ, قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَمَا لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ غَيْرَهَا, قَالَ: فَادْعُ لِي, قَالَ أَبُو حَازِمٍ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى, قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: قَطُّ؟ قَالَ أَبُو حَازِمٍ: قَدْ أَوْجَزْتُ وَأَكْثَرْتُ, إِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ, فَمَا يَنْفَعُنِي أَنْ أَرْمِيَ عَنْ قَوْسٍ لَيْسَ لَهَا وَتَرٌ, قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَوْصِنِي, قَالَ: سَأُوصِيكَ وَأُوجِزُ عَظِّمْ رَبَّكَ, وَنَزِّهْهُ أَنْ يَرَاكَ حَيْثُ نَهَاكَ, أَوْ يَفْقِدَكَ مِنْ (1) حَيْثُ أَمَرَكَ, فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ, بَعَثَ إِلَيْهِ بِمِئَةِ دِينَارٍ, وَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ أَنْفِقْهَا, وَلَكَ عِنْدِي مِثْلَهَا كَثِيرٌ, قَالَ: فَرَدَّهَا عَلَيْهِ, وَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُكَ إِيَّايَ هَزْلًا, أَوْ رَدِّي عَلَيْكَ بَذْلًا, وَمَا أَرْضَاهَا لَكَ, فَكَيْفَ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي, وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ, وَجَدَ عَلَيْهَا رِعَاءً يَسْقُونَ, وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ جَارِيَتَيْنِ تَذُودَانِ, فَسَأَلَهُمَا.
_حاشية__________
(1) قوله: «من» لم يرد في طبعة دار البشائر.

الصفحة 431