كتاب المسند للدارمي - ط التأصيل (اسم الجزء: 1)

- رسالة عباد بن عباد الخواص الشامي.
667- أَخبَرَنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْطَاكِيُّ, عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْخَوَّاصِ الشَّامِيِّ, أَبِي عُتْبَةَ, قَالَ: أَمَّا بَعْدُ, اعْقِلُوا, وَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ, فَرُبَّ ذِي عَقْلٍ قَدْ شَغَلَ قَلْبَهُ بِالتَّعَمُّقِ عما هُوَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ عَنِ الاِنْتِفَاعِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ, حَتَّى صَارَ عَنْ ذَلِكَ سَاهِيًا, وَمِنْ فَضْلِ عَقْلِ الْمَرْءِ تَرْكُ النَّظَرِ فِيمَا لاَ نَظَرَ فِيهِ, حَتَّى لاَ يَكُونَ فَضْلُ عَقْلِهِ وَبَالاً عَلَيْهِ فِي تَرْكِ مُنَافَسَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ, أَوْ رَجُلٍ شَغَلَ قَلْبَهُ بِبِدْعَةٍ, قَلَّدَ فِيهَا دِينَهُ رِجَالاً دُونَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليهِ وسَلم, أَوِ اكْتَفَى بِرَأْيِهِ فِيمَا لاَ يَرَى الْهُدَى إِلاَّ فِيهَا, وَلاَ يَرَى الضَّلاَلَةَ إِلاَّ بِتَرْكِهَا, يَزْعُمُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنَ الْقُرْآنِ, وَهُوَ يَدْعُو إِلَى فِرَاقِ الْقُرْآنِ, أَفَمَا كَانَ لِلْقُرْآنِ حَمَلَةٌ قَبْلَهُ وَقَبْلَ أَصْحَابِهِ, يَعْمَلُونَ بِمُحْكَمِهِ, وَيُؤْمِنُونَ بِمُتَشَابِهِهِ, وَكَانُوا مِنْهُ عَلَى مَنَارٍ كَوَضَحِ (1) الطَّرِيقِ, فَكَانَ الْقُرْآنُ إِمَامَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليهِ وسَلم, وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليهِ وسَلم إِمَامًا لأَصْحَابِهِ, وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَئِمَّةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ, رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ مَنْسُوبُونَ فِي الْبُلْدَانِ, مُتَّفِقُونَ فِي الرَّدِّ عَلَى أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ مَعَ مَا كَانَ (2) بَيْنَهُمْ مِنَ الاِخْتِلاَفِ وَتَسَكَّعَ أَصْحَابُ الأَهْوَاءِ بِرَأْيِهِمْ فِي سُبُلٍ مُخْتَلِفَةٍ, جَائِرَةٍ عَنِ الْقَصْدِ, مُفَارِقَةٍ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ, فَتَوَّهَتْ بِهِمْ أَدِلاَّؤُهُمْ فِي مَهَامِهَ (3) مُضِلَّةٍ, فَأَمْعَنُوا فِيهَا مُتَعَسِّفِينَ فِي تِيهِهِمْ, كُلَّمَا أَحْدَثَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ بِدْعَةً فِي ضَلاَلَتِهِمُ انْتَقَلُوا مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا, لأَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا أَثَرَ السَّابِقِينَ, وَلَمْ يَقْتَدُوا بِالْمُهَاجِرِينَ,
_حاشية__________
(1) في طبعة دار البشائر: «يوضح».
(2) في طبعة دار البشائر: «الأهواء مهما كان».
(3) في طبعة دار البشائر: «مهامةٍ».

الصفحة 435