كتاب المسند للدارمي - ط التأصيل (اسم الجزء: 1)

وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِزِيَادٍ: هَلْ تَدْرِي مَا يَهْدِمُ الإِسْلاَمَ؟ زَلَّةُ عَالِمٍ, وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ, وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ اتَّقُوا اللهَ وَمَا حَدَثَ فِي قُرَّائِكُمْ وَأَهْلِ مَسَاجِدِكُمْ مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ, وَالْمَشْيِ بَيْنَ النَّاسِ بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ.
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي النَّارِ, يَلْقَاكَ صَاحِبُ الْغِيبَةِ, فَيَغْتَابُ عِنْدَكَ مَنْ يَرَى أَنَّكَ تُحِبُّ غِيبَتَهُ, وَيُخَالِفُكَ إِلَى صَاحِبِكَ, فَيَأْتِيهِ عَنْكَ بِمِثْلِهِ, فَإِذَا هُوَ قَدْ أَصَابَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا حَاجَتَهُ, وَخَفِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مَا أَتَى (1) بِهِ عِنْدَ صَاحِبِهِ حُضُورُهُ عِنْدَ مَنْ حَضَرَهُ حُضُورُ الإِخْوَانِ, وَغَيْبَتُهُ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهُ غَيْبَةُ الأَعْدَاءِ, مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ كَانَتْ لَهُ الأَثَرَةُ, وَمَنْ غَابَ مِنْهُمْ لَمْ تَكُنْ (2) لَهُ حُرْمَةٌ, يَفْتِنُ مَنْ حَضَرَهُ بِالتَّزْكِيَةِ, وَيَغْتَابُ مَنْ غَابَ عَنْهُ بِالْغِيبَةِ, فَيَا لِعِبَادَ اللهِ, أَمَا فِي الْقَوْمِ مِنْ رَشِيدٍ, وَلاَ مُصْلِحٍ (3), يَقْمَعُ هَذَا عَنْ مَكِيدَتِهِ, وَيَرُدُّهُ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ, بَلْ عَرَفَ هَوَاهُمْ فِيمَا مَشَى بِهِ إِلَيْهِمْ, فَاسْتَمْكَنَ مِنْهُمْ, وَأَمْكَنُوهُ مِنْ حَاجَتِهِ, فَأَكَلَ بِدِينِهِ مَعَ أَدْيَانِهِمْ, فَاللهَ اللهَ ذُبُّوا عَنْ حُرَمِ أَغْيَابِكُمْ, وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ, وَنَاصِحُوا اللَّهَ (4) فِي أُمَّتِكُمْ, إِذْ كُنْتُمْ حَمَلَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, فَإِنَّ الْكِتَابَ لاَ يَنْطِقُ, حَتَّى يُنْطَقَ (5) بِهِ, وَإِنَّ السُّنَّةَ لاَ تَعْمَلُ, حَتَّى يُعْمَلَ بِهَا, فَمَتَى يَتَعَلَّمُ الْجَاهِلُ إِذَا سَكَتَ الْعَالِمُ, فَلَمْ يُنْكِرْ مَا ظَهَرَ, وَلَمْ يَأْمُرْ بِمَا تَرَكَ, وَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ يَكْتُمُونَهُ,
_حاشية__________
(1) في طبعة دار البشائر: «أُتي».
(2) في طبعة دار البشائر: «يكن».
(3) كذا في طبعَتَي دار التأصيل, ودار البشائر, وفي طبعة دار المُغني: «ولا مصلح به».
(4) في طبعة دار البشائر: «ناصحوا لله».
(5) في طبعة دار البشائر: «تنطقوا».

الصفحة 436