فقال لي أَبو عُبَيد الله يا أَبَا عَبد الله لا تكثر الفضول واطلب حوائجك من أمير المؤمنين، فقلت: مالي إِليه من حاجة، لقد أَخْبَرني إِسماعيل بن أَبي خالد أَن عُمر بن الخطاب حج فقال لصاحب نفقته كم أنفقنا في حجنا هذا؟ قال إثنا عشر دينارا، قال: أكثرنا، أكثرنا، أَو قال: أسرفنا أسرفنا، وعلى أبوابكم أمور لا تقوم لها الجبال الراسيات. قال فقال لي ابن أَبي جعفر: يا أَبَا عَبد الله أفرأيت إِن لم أقدر أَن أوصل إلى كل ذي حق حقه فما أصنع؟ قال: تفر بدينك وتلزم بيتك وتترك الأمر ومن يقدر أَن يوصل إلى كل ذي حق حقه، قال فسكت، وقال لي أَبو عُبَيد الله أراك تكثر الفضول إِن كانت لك حاجة فاطلبها وإلا فانصرف، قال فانصرفت.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: ذكره أبي قال كتب إلي عَبد الله بن خبيق، قال: حَدثني الهيثم بن جميل، قال: حَدثني حماد بن زيد، قَال: دخلتُ على سُفيان الثَّوري، وهو مختف بالبصرة فقال قد ملني أَصحابي وما أراني إِلاَّ صائرا إِليه، يَعني الخليفة، وواضع يدي في يده، قلت ماذا أَنت قائل له؟ قال أَقول: إعتزل هذا الأمر فلست من شأنه.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا أَبو سَعيد الأَشج قال: حَدثنا إِبراهيم بن أَعين البَجَلي قال كنت مع سُفيان الثَّوري والأَوزاعي، وإِسحاق بن القاسم الأَشعثي بمكة فدخل علينا عَبد الصمد بن علي، وهو أمير مكة عند المغرب وسفيان يتوضأ، وأَنا أصب عليه، وهو يتوضأ كأَنه بطة، وهو يقول لا تنظروا إلي فإِني مبتلى، فيدخل البيت الذي فيه الأَوزاعي فسلم، ثم أتى عَبد الصمد بن علي فسمعت الأَوزاعي يقول: مرحبا مرحبا ثم جاء فسلم على سُفيان فقال له سُفيان من أَنت؟ فقال: أَنَا عَبد الصمد، فقال له كيف أَنت إتق الله إتق الله إِذا كبرت فاسمع.