كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)
فكان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم هو المبين عن الله عز وجل أمره، وعن كتابه معاني ما خُوطب به الناس، وما أراد الله عز وجل به وعني فيه، وما شرع من معاني دينه وأحكامه وفرائضه وموجباته وآدابه ومندوبه وسننه التي سنها، وأحكامه التي حكم بها وآثاره التي بثها.
فلبث صَلى الله عَليه وسَلم بمكة والمدينة ثلاثا وعشرين سنة، يقيم للناس معالم الدين، يفرض الفرائض، ويسن السنن، ويمضى الأَحكام ويحرم الحرام ويحل الحلال، ويقيم الناس على منهاج الحق بالقول والفعل.
فلم يزل على ذلك حتى توفاه الله عز وجل وقبضه إِليه صَلى الله عَليه وسَلم وعلى آله أفضل صلاة وأزكاها، وأكملها وأذكاها، وأتمها وأوفاها فثبت عليه السلام حجة الله عز وجل على خلقه بما أدي عنه وبين، وما دل عليه من محكم كتابه ومتشابهه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما بشر وأنذر.
قال الله عز وجل: {رُّسُلاً مُّبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} .
- معرفة السنة وأئمتها.
فإِن قيل: كيف السبيل إلى معرفة ما ذكرت من معاني كتاب الله عز وجل ومعالم دينه؟ قيل: بالآثار الصحيحة عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم، وعن أَصحابه النجباء الألباء، الذين شهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، رضى الله تعالى عنهم.
فإِن قيل: فبماذا تعرف الآثار الصحيحة والسقيمة؟ قيل: بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة، ورقهم هذه المعرفة، في كل دهر وزمان.
حَدثنا أَبو محمد عَبد الرَّحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، حَدثنا أَبي، قال: أَخْبَرني عَبدَة بن سُليمان المَرْوَزي، قال: قيل لإبن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة.
فإِن قيل: فما الدليل على صحة ذلك؟ قيل له: إتفاق أهل العلم على الشهادة لهم بذلك، ولم ينزلهم الله عز وجل هذه المنزلة إذ أنطق ألسنة أهل العلم لهم بذلك، إِلاَّ وقد جعلهم أعلاما لدينه، ومنارا لإستقامة طريقه، وألبسهم لباس أعمالهم.
الصفحة 2
389