كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

فإِن قيل: ذكرت إتفاق أهل العلم على الشهادة لهم بذلك، وقد علمت بما كان بين علماء أهل الكوفة وأهل الحجاز من التباين، والإختلاف في المذهب، فهل وافق أَبو حنيفة، وأَبو يوسف، ومحمد بن الحسن جماعة من ذكرت من أهل العلم في التزكية لهؤلاء الجهابذة النقاد، أَو وجدنا ذلك عندهم؟ قيل: نعم، قَال سُفيان الثَّوريّ: ما سألت أَبَا حنيفة عن شيء، ولقد كان يلقاني ويسأَلني عن أشياء.
فهذا بين واضح، إذ كان صورة الثَّوري عنده هذه الصورة أَن يفزع إِليه في السؤال عما يشكل عليه أَنه قد رضيه إماما لنفسه ولغيره.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا أَبو بكر الجارودي محمد بن النضر النيسابوري، قال: سَمِعتُ أَحمد بن حفص يقول: سَمِعتُ أَبي يقول: سَمِعتُ إِبراهيم بن طهمان يقول: أَتيت المدينة فكتبت بها، ثم قدمت الكوفة فأتيت أَبَا حنيفة في بيته فسلمت عليه، فقال لي: عمن كتبت هناك؟ فسميت له، فقال: هل كتبت عن مالك بن أَنس شيئًا؟ فقلت: نعم، فقال: جئني بما كتبت عنه، فأتيته به، فدعا بقرطاس ودواة، جعلت أملي عليه، وهو يكتب.
قال أَبو محمد: ما كتب أَبو حنيفة عن إِبراهيم بن طهمان، عن مالك بن أَنس، ومالك بن أَنس حي، إِلاَّ وقد رضيه ووثقه، ولا سيما إذ قصد من بين جميع من كتب عنه بالمدينة مالك بن أَنس، وسأله أَن يملي عليه حديثه، فقد جعله إماما لنفسه ولغيره.

الصفحة 3