كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

قال أَبو محمد: قرأت كتاب إِسحاق بن راهويه بخطه إلى أَبي زُرعَة: إِني أزداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من أعظم ما يحتاج إِليه اليوم طالب العلم، وأَحمد بن إِبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل حتى يكاد يفرط وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط وأقرأني كتابك إِليه بنحو ما أوصيتك من إظهار السنة وترك المداهنة فجزاك الله خيرًا فدم على ما أوصيتك فإِن للباطل جولة ثم يضمحل وإنك ممن أحب صلاحه وزينه وإني أَسمع من إخواننا القادمين ما أَنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، حَدثنا جعفر بن محمد أَبو يَحيَى الزعفراني، قال: سَمِعتُ عَمرو بن سهل بن صرخاب يقول، وذكر أَبا زُرعَة فقال: ما ولد في خمسين ومِئَة سنة مثل أَبي زُرعَة.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ محمد بن مسلم يقول: ما خلف أَبو زُرعَة مثله وسمعته يقول بعد وفاة أَبي زُرعَة، وذكر أَبا زُرعَة فقال: كان دربندان العلم.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: ذكر سَعيد بن عَمرو البرذعي، قال: سَمِعتُ محمد بن يَحيَى النيسابوري يقول: لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله عز وجل لهم مثل أَبي زُرعَة، وما كان الله عز وجل ليترك الأَرض إلا وفيها مثل أَبي زُرعَة يعلم الناس ما جهلوه، ثم جعل يعظم على جلسائه خطر ما حكى له من علة حديث ابن إِسحاق عن الزُّهْري، عن عُروَة، عَن عائشة عن النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم قال: ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك.
قال سَعيد وكنت حكيت له، عَن أَبي زُرعَة أَن محمد بن إِسحاق إصطحب مع معاوية بن يَحيَى الصدفي من العراق إلى الري فسمع منه هذا الحديث في طريقه، وقال لم أستفد منذ دهر علما أوقع عندي، ولا آثر من هذه الكلمة ولو فهمتم عظيم خطرها لاستحليتموه كما استحليته، وجعل يمدح أَبا زُرعَة في كلام كثير.

الصفحة 329