كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أَبو زُرعَة، قال: ويقول أَبو زُرعَة مثل ما قلت؟ قلت: نعم، قال: هذا عجب، فأخذ فكتب في كاغذ ألفاظي في تلك الأحاديث ثم رجع إلي وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أَبو زُرعَة في تلك الأحاديث، فما قلت أَنه باطل قال أَبو زُرعَة: هو كذب، قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلت أَنه كذب قال أَبو زُرعَة: هو باطل، وما قلت أَنه منكر قال: هو منكر، كما قلت، وما قلت أَنه صحاح قال أَبو زُرعَة: هُو صحاح: فقال: ما أعجب هذا، تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما، فقلت فقد ذلك أَنا لم نجازف وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدليل على صحة ما نقوله بأن دينارا نبهرجا يحمل إلى الناقد فيقول: هذا دينار نبهرج، ويقول لدينار: هو جيد، فإِن قيل له من أين قلتُ: إِن هذا نبهرج ؟ هل كنت حاضرا حين بهرج هذا الدينار؟ قال: لا، فإِن قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهرجه أَنّي بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل فمن أين قلتُ: إِن هذا نبهرج؟ قال: علما رزقت، وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك، قلت له فتحمل فص ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول: هذا زجاج، ويقول لمثله: هذا ياقوت، فإِن قيل له: من أين علمت أَن هذا زجاج وأن هذا ياقوت؟ هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج قال: لا، قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأَنه صاغ هذا زجاجا؟ قال: لا، قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علم رزقت، وكذلك نحن رزقنا علما لا يتهيأ لنا أَن نخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر إِلاَّ بما نعرفه.

الصفحة 350