كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سمعتُ أَبي يقول: كنا في البحر فاحتلمت فاصبحت وأخبرت أَصحابي به فقالوا لي إغمس نفسك في البحر قلتُ: إِني لا أُحسن أَن أسبح، فقالوا: إِنَّا نشد فيك حبلا ونعلقك من الماء، فشدوا في حبلا وأرسلوني في الماء، وأَنا في الهواء أُريد إسباغ الوضوء، فلما توضأتُ، قلت لهم: أرسلوني قليلاً، فأرسلوني، فغمست نفسي في الماء، قلتُ: إرفعوني، فرفعوني.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: سَمِعتُ أَبي يقول: لما خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري صرنا إلى الجار وركبنا البحر وكنا ثلاثة أنفس أَبو زهير المروروذي شيخ، وآخر نيسابوري فركبنا البحر وكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة أشهر وضاقت صدورنا وفنى ما كان معنا من الزاد وبقيت بقية فخرجنا إلى البر فجعلنا نمشي أياما على البر حتى فنى ما كان معنا من الزاد والماء فمشينا يوما وليلة لم يأكل أحد منا شيئًا، ولا شربنا واليوم الثاني كمثل، واليوم الثالث كل يوم نمشي إلى الليل فإذا جاء المساء صلينا وألقينا بأنفسنا حيث كنا وقد ضعفت أبداننا من الجوع والعطش والعياء، فلما أصبحنا اليوم الثالث جعلنا نمشي على قدر طاقتنا فسقط الشيخ مغشيا عليه فجئنا نحركه، وهو لا يعقل، فتركناه ومشينا أَنا وصاحبي النيسابوري قدر فرسخ، أَو فرسخين فضعفت وسقطت مغشيا علي ومضى صاحبي وتركني فلم يزل هو يمشي إذ بصر من بعيد قوما قد قربوا سفينتهم من البر ونزلوا على بئر موسى صَلى الله عَليه وسَلم فلما عاينهم لوح بثوبه إِليهم فجاؤوه معهم الماء في إداوة فسقوه وأخذوا بيده فقال لهم إلحقوا رفيقين لي قد ألقوا بأنفسهم مغشيا عليهم فما شعرت إِلاَّ برجل يصب الماء على وجهي ففتحت عيني ،

الصفحة 364