كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

وأما محمد بن الحسن؛ فحَدثنا محمد بن عَبد الله بن عَبد الحكم، قال: سَمِعتُ الشافعي يقول: قال لي محمد بن الحسن: أيهما، أعلم صاحبنا أم صاحبكم؟ يَعني أَبَا حنيفة، ومالك بن أَنس، قلت: على الإنصاف؟ قال: نعم، قلتُ: فأنشدك الله، من أعلم بالقرآن، صاحبنا، أَو صاحبكم؟ قال: صاحبكم، يَعني مالكا، قلتُ: فمن أعلم بالسنة، صاحبنا، أَو صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم، قلت: فأنشدك الله، من أعلم بأقاويل أَصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم والمتقدمين، صاحبنا، أَو صاحبكم؟ قال: صاحبكم، قال الشافعي: فقلت: لم يبق إِلاَّ القياس، والقياس لا يكون إِلاَّ على هذه الأَشياء، فمن لم يعرف الأصول فعلى أي شيء يقيس؟.
قال عَبد الرَّحمن: فقد قدم محمد بن الحسن مالك بن أَنس على أبي حنيفة، وأقر له بفضل العلم بالكتاب والسنة والآثار، وقد شاهدهما ورَوَى عَنهما.
حَدثنا عَبد الرَّحمن، قال: وقد حَدثنا أبي رحمه الله، حَدثنا محمد بن عَبد الله بن عَبد الحكم، قال: سَمِعتُ الشافعي يقول: كان محمد بن الحسن يقول: سمعت من مالك سبعمِئَة حديث ونيفا إلى الثمانمِئَة، لفظا، وكان أقام عنده ثلاث سنين، أَو شبيها بثلاث سنين، وكان إِذا وعد الناس أَن يحدثهم عن مالك إمتلأ الموضع الذي هو فيه، وكثر الناس عليه، وإذا حدث عن غير مالك لم يأته إِلاَّ النفير، فقال لهم: لو أراد أحد أَن يعيبكم بأكثر مما تفعلون ما قدر عليه، إِذا حدثتكم عن أَصحابكم، فإِنما يأتيني النفير أعرف فيكم الكراهة، وإذا حدثتكم عن مالك إمتلا على الموضع.
فقد بان بلزوم محمد بن الحسن مالكا لحمل العلم عنه وبثه في الناس، رضا منه وموافقة لمن جعله إماما ومختارا.

الصفحة 4