كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

ووجدنا النَّبي صَلى الله عَليه وسَلم قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة ووجدناه يخاطب أَصحابه فيها، منها أَن دعا لهم فقال نضر الله إمرءا؟ سمع مقالتي فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره.
وقال صَلى الله عَليه وسَلم في خطبته: فليبلغ الشاهد منكم الغائب، وقال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني، ولا حرج.
ثم تفرقت الصحابة، رَضي الله عَنهُم في النواحي والأمصار والثغور وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء والأَحكام، فبث كل واحد منهم في ناحيته وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وحكموا بحكم الله عز وجل وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم عن نظائرها من المسائل وجردوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية والقربة إلى الله تقدس إسمه لتعليم الناس الفرائض والأَحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله عز وجل رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين.
- التابعون.
فخلف بعدهم التابعون الذين إختارهم الله عز وجل لإقامة دينه وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه وأحكامه وسنن رسوله صَلى الله عَليه وسَلم وآثاره فحفظوا عن صحابة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم ما نشروه وبثوه من الأَحكام والسنن والآثار وسائر ما وصفنا الصحابة به، رَضي الله عَنهُم فأتقنوه وعلموه وفقهوا فيه فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أَمر الله عز وجل ونهيه، بحيث وضعهم الله عز وجل ونصبهم له، إذ يقول الله عز وجل: {وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} الآية.

الصفحة 8