كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 1)

وَعَنِ الْمَعْقُولِ قَوْلُهُمْ إِنَّ الصَّحَابَةَ لَهُمْ مَزِيَّةُ الصُّحْبَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ.
قُلْنَا: لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْإِجْمَاعِ بِهِمْ لَمَا اعْتُبِرَ قَوْلُ الْأَنْصَارَ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَا قَوْلُ الْمُهَاجِرِينَ مَعَ قَوْلِ الْعَشَرَةِ، وَلَا قَوْلُ بَاقِي الْعَشَرَةِ مَعَ قَوْلِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا قَوْلُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مَعَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا قَوْلُ غَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ الْأَهْلِ وَلَا الزَّوْجَاتِ مَعَ الزَّوْجَاتِ لِوُقُوعِ التَّفَاوُتِ وَالتَّفَاضُلِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ قَائِلٌ.
وَعَنِ الْآثَارِ، أَمَّا نَقْضُ عَلِيٍّ عَلَى شُرَيْحٍ حُكْمَهُ ; فَلَيْسَ لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَمَ عَلَيْهِ فِي مُخَاصَمَتِهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا نَقَضَ حُكْمَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ وَالِاعْتِرَاضِ كَمَا يُقَالُ: نَقَضَ فُلَانٌ كِتَابَ فُلَانٍ وَكَلَامَهُ إِذَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَقَضَهُ بِنَصٍّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَوْجَبَ نَقْضَ حُكْمِهِ.
وَأَمَّا إِنْكَارُ عَائِشَةَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَبَقَ فِيهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ؛ أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَلَغَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ أَوْ بِطْرِيقِ التَّأْدِيبِ مَعَ الصَّحَابَةِ، أَوْ لِأَنَّهَا رَأَتْ ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهَا فَلَا حُجَّةَ فِيهِ.

الصفحة 242