كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 1)

وَعَنِ الرَّابِعِ: أَنَّ الْقِيَاسَ الَّذِي هُوَ مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ لَيْسَ هُوَ فَرْعًا لِلْإِجْمَاعِ، بَلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ بِنَاءُ الْإِجْمَاعِ عَلَى فَرْعِهِ.
قَوْلُهُمْ إِنَّ الْقِيَاسَ عُرْضَةٌ لِلْخَطَأِ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ، فَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ فِي جَوَابِ الْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَعَنِ الْخَامِسِ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِ مُخَالَفَةِ الْمُجْتَهِدِ الْمُنْفَرِدِ بِاجْتِهَادِهِ كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ دُونَ اجْتِهَادِ الْأُمَّةِ.
قَوْلُهُمْ: الْأُمَّةُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إِنَّمَا أَجْمَعَتْ عَلَى نُصُوصٍ.
قُلْنَا: وَإِنْ أَمْكَنَ التَّشَبُّثُ بِمَا أَوْرَدُوهُ مِنَ النُّصُوصِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَمَا الْعُذْرُ فِيمَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَصٌّ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِالْقِيَاسِ وَإِلْحَاقِ صُورَةٍ بِصُورَةٍ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ فِيهَا نَصٌّ لَمَا عَدَلُوا عَنْهُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِالْقِيَاسِ (١) وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَنِ الْقِيَاسِ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ، فَلَوْ ظَهَرَ دَلِيلٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ وَرَأَيْنَا الْأُمَّةَ قَدْ حَكَمَتْ بِمُقْتَضَاهُ - وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ هُوَ الْمُسْتَنَدَ - فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُسْتَنَدَ غَيْرُهُ (٢) لِتَكْثُرَ الْأَدِلَّةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، خِلَافًا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ.
---------------
(١) قَدْ يُقَالُ: لَمْ يَعْدِلُوا عَنِ النَّصِّ، وَإِنَّمَا ضَمُّوا إِلَيْهِ آخَرَ هُوَ الْقِيَاسُ كَمَا ذُكِرَ بَعْدُ.
(٢) أَيْ غَيْرُهُ مَعَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنَ التَّعْلِيلِ.

الصفحة 267