كتاب الجرح والتعديل (ط الهند) (اسم الجزء: المقدمة)

لكن تاريخ البخاري خال في الغالب من التصريح بالحكم على الرواة بالتعديل، أَو الجرح، أحس الإمامان الجليلان أَبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، وأَبو زُرعَة عُبَيد الله بن عَبد الكريم الرازي وهما من أقران البخاري ونظرائه في العلم والمعرفة والإمامة، أحسا بهذا النقص، فأحبا تكميله.
في تذكرة الحفاظ 3/175، عَن أَبي أَحمد الحاكم الكبير أَنه ورد الرَّي فسمعهم يقرأون على ابن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل، قال: فقلتُ لإبن عبدويه الوراق: هذه ضحكة أراكم تقرأون كتاب التاريخ للبخاري على شيخكم وقد نسبتموه إلى أَبي زُرعَة، وأبي حاتم فقال يا أَبَا أَحمد إِن أَبا زُرعَة، وأَبا حاتم لما حمل إِليهما تاريخ البخاري قالا هذا علم لا يستغنى عنه، ولا يحسن بنا أَن نذكره عن غيرنا فأقعدا عَبد الرَّحمن يسألهما عن رجل بعد رجل وزادا فيه ونقصا.
كأن أَبَا أَحمد رحمه الله سمعهم يقرأون بعض التراجم القصيرة التي لم يتفق لإبن أَبي حاتم فيها ذكر الجرح والتعديل، ولا زيادة مهمة على ما فى التاريخ فاكتفى بتلك النظرة السطحية ولو تصفح الكتاب لما قال: ما قال: لاريب إِن ابن أَبي حاتم حذا في الغالب حذو البخاري في الترتيب وسياق كثير من التراجم وغير ذلك، لكن هذا لا يغض من تلك المزية العظمى وهى التصريح بنصوص الجرح والتعديل ومعها زيادة تراجم كثيره، وزيادات فوائد في كثير من التراجم بل في أكثرها، وتدارك أوهام وقعت للبخاري وغير ذلك، وأما جواب ابن عبدويه الوراق فعلى قدر نفسه لا على قدر ذينك الإمامين أَبي زُرعَة، وأبي حاتم، والتحقيق إِن الباعث لهما على أقعاد عَبد الرَّحمن وأمرهما إياه بما أمراه إِنما هو الحرص على تسديد ذاك النقص وتكميل ذاك العلم، ولا أدل على ذلك من اسم الكتاب نفسه كتاب الجرح والتعديل.

الصفحة 10