كتاب روضة الناظر وجنة المناظر (اسم الجزء: 1)

[فرض الكفاية]
فإن قيل: ما حقيقة فرض الكفاية؟
أهو واجب على الجميع ويسقط بفعل البعض؟
أم على واحد غير معين، كالواجب المخير؟
أم واجب على من حضر دون من غاب، كحاضر الجنازة -مثلًا-؟
قلنا: بل واجب على الجميع ويسقط بفعل البعض، بحيث لو فعله الجميع: نال الكل ثواب الفرض، ولو امتنعوا: عم الإثم الجميع، ويقاتلهم الإمام على تركه1.
__________
= اختصاص الخطاب ببعضهم، أو يعترض دليل على ذلك، فإن لم يعترض على العموم دليل؛ اقتضى وجوبه على كل واحد منهم؛ لأن الواو في "افعلوا" كالواو في "الزيدون" وكلاهما للجميع، ثم الواو في "الزيدان" تدل على أشخاص متعددة، نحو: زيد وزيد، فكذلك الواو في "افعلوا" تدل على عدة مخاطبين، فهي في قوة قوله: "افعل أنت وأنت" كذلك، حتى يستغرق المخاطبين.
وإن اعترض على العموم دليل يقتضي اختصاصه ببعضهم، فالبعض إما معين، أو غير معين.
فإن كان معينًا؛ فذلك هو العام المخصوص، سواء كان التعيين باسم، كقوله عز وجل: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِين} [الحجر: 58، 59] أو بصفة كقوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] .
وإن كان ذلك البعض غير معين، أو كان الخطاب بلفظ لا يعم الجميع، وهو القسم الثاني من أصل التقسيم، نحو قوله عز وجلك {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: 104] ، فهذا هو فرض الكفاية".
1 الذي رجحه المصنف هو رأي جمهور العلماء، فالقادر عليه يقوم به بنفسه، =

الصفحة 584