كتاب روضة الناظر وجنة المناظر (اسم الجزء: 1)

فقال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال: "والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي" 1.
وروي عنه -صلى الله عليه وسلم- في القبلة للصائم مثل ذلك. رواه مسلم2.
فالحجة فيه من وجهين:
أحدهما: أنه أجابهم بفعله، ولو اختص به الحكم، لم يكن جوابًا لهم.
الثاني: أنه أنكر عليهم مراجعتهم له باختصاصه بالحكم، فدل على أن مثل هذا لا يجوز اعتقاده.
ولأن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يرجعون إلى أفعال
__________
1 رواه مسلم: كتاب الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، وأبو دواد في الصيام حديث "2389"، والنسائي في السنن الكبرى، في الصيام والتفسير، ومالك في الموطأ "1/ 289" من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
2 هو: مسلم بن الحجاج بن مسلم، النيسابوري، أحد أئمة حفاظ الحديث، صاحب الصحيح المشهور الذي جمع فيه ثلاثمائة ألف حديث. وله مصنفات أخرى كثيرة، منها: "المسند الكبير" على أسماء الرجال، "الجامع الكبير" على الأبواب، وكتاب "العلل" و"الكنى" و"أوهام المحدثين". توفي -رحمه الله تعالى- سنة "261هـ" انظر: "طبقات الحفاظ ص260، تذكرة الحفاظ 2/ 588".
وحديث القبلة للصائم: أخرجه مسلم، كتاب الصيام، من طريق عمر بن أبي سلمة أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيقبل الصائم؟ فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع ذلك. فقال يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له". حديث رقم "1108".

الصفحة 589