كتاب تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

ابن عُمَرَ مَكَثَ عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِي سِنِينَ يَتَعَلَّمُهَا. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى «١» " أَسْمَاءُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ": عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِي بِلَالٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: تَعَلَّمَ عُمَرُ الْبَقَرَةَ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا خَتَمَهَا نَحَرَ جَزُورًا. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَهْرَيَارَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَبِي عَمْرٍو عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّا صَعُبَ عَلَيْنَا حِفْظُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَسَهُلَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّ مَنْ بَعْدَنَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِهِ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حدثنا إسماعيل ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ عن ابن عمر قال: كان الفضل مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا يَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا السُّورَةَ أَوْ نَحْوَهَا، وَرُزِقُوا العمل بالقران، وان أخر هذه الامة يقرءون الْقُرْآنَ مِنْهُمُ الصَّبِيُّ وَالْأَعْمَى وَلَا يُرْزَقُونَ الْعَمَلَ بِهِ. حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي الْعَنْبَرِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن حماد المقرئ قَالَ: سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ هِشَامٍ الْبَزَّارَ يَقُولُ: مَا أَظُنُّ الْقُرْآنَ إِلَّا عَارِيَةً فِي أَيْدِينَا، وَذَلِكَ إِنَّا رُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حفظ البقرة في بضع عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا حَفِظَهَا نَحَرَ جَزُورًا شُكْرًا لِلَّهِ، وَإِنَّ الْغُلَامَ فِي دَهْرِنَا هَذَا يَجْلِسُ بَيْنَ يَدِي فَيَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ لَا يُسْقِطُ مِنْهُ حَرْفًا، فَمَا أَحْسَبُ الْقُرْآنَ إِلَّا عَارِيَةً فِي أَيْدِينَا. وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ: لَا يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَكُتُبِهِ، دُونَ مَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ، فَيَكُونُ قَدْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْفَرَ بِطَائِلٍ، ولكن تَحَفُّظُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى التَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا مَعَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ. وَمِمَّنْ وَرَدَ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ شُعْبَةُ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمَعْمَرٌ، قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ جُمْلَةً فَاتَهُ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ حَدِيثًا وَحَدِيثِينَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: اعْلَمُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا فَلَنْ يَأْجُرَكُمُ بعلمه حتى تعلموا. وقال ابن عبد البر: وروى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
---------------
(١). في الأصول:" المسمي في ذكر اسماء ... إلخ".

الصفحة 40